صحة عامة

مرض بارانويا

مرض بارانويا

مرض بارانويا

مرض بارانويا أو كما يُعرف بجنون الارتِياب أو الذّهان الكبريائيّ، هو أحد الاضطرابات النفسية، الذي يتمثّل بسيطرة مجموعة من المشاعر والأفكار السلبية واللامنطقيّة على المريض، وإقناعه بوجود خطر محتّم يقترب منه، أو أنّ الآخرين لديهم دوافع عدائية أو عدوانية في التعامل معه، والتسبب له بالضرر والأذى، أو الاعتقاد بوجود قوى أو منظمات تسعى للحصول عليه، أو إيقاع الأذى به، بينما في الواقع لا أساس أو وجود لمثل هذه الشكوك، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشعور البسيط بالبارانويا أمر شائع، وقد يحدث مع الكثير من الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم، إلّا أنّ البارانويا الشديدة يمكن أن تتسبّب بخلق مشاعر من الخوف والقلق بطريقة يمكن أنّ يكون لها تأثير واضح على الحياة اليومية والأداء الاجتماعي للفرد، كما يمكن ملاحظة وجود البارانويا لدى الأشخاص الذين يُعانون من بعض الاضطرابات النفسية، بما في ذلك الفصام، بالإضافة إلى العديد من الأمراض التي تؤثر في وظائف الدماغ، كمرض الزهايمر، ومرض التصلب المتعدد.

أعراض مرض بارانويا

يمكن أن يتسبّب مرض البارانويا بظهور العديد من الأعراض مختلفة، والتي عادةً ما تتراوح في شدّتها ما بين خفيفة إلى شديدة، وذلك تبعًا للأسباب الرئيسية الكامنة وراء حدوثها، ومن ضمن الأعراض الأكثر شيوعًا ما يأتي:

  • الاعتقاد المستمر بوصول رسائل مخفية خاصة عبر التلفزيون، أو الصحف، أو البريد الخاص، أو رسائل البريد الإلكتروني.
  • صعوبة الثقة بالآخرين، وسيطرة مشاعر الشك على المريض، والافتراض الدائم بأنّ الآخرين يتحدثون بسوء عنه من وراء ظهره.
  • التفكير المفرط في التفاعلات من حوله، كالاعتقاد بوجود معنى خفي للطريقة التي ينظر بها الناس إليه، أو نبرة صوتهم أثناء الحديث.
  • التشكيك المستمر في دوافع وأفعال الآخرين، والتساؤل عن سبب قيام الناس بما يفعلونه، أو ما يعتقده المريض أنهم يفعلونه.
  • الاقتناع بأنّ العالم مكان للتهديد المستمر، وأنّ المصاب هو محط للاضطهاد من قِبل الجميع، بالإضافة إلى تصديق نظريات المؤامرة التي لا أساس لها.
  • صعوبة إقامة علاقات اجتماعية جديدة.
  • الشعور المستمر بالإهانة.
  • عدم تقبّل أي نوع من النقد، واتخاذ موقف دفاعي دائم.
  • سيطرة الأسلوب العدائي والعدواني على معظم سلوكيات المريض.
  • عدم تقبّل المساومة في أي أمر، ورفض المسامحة والنسيان قطعيًا.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض السابقة هي أمثلة على المشاعر والأفكار التي قد تسيطر على مريض البارانويا، ولكن يوجد العديد من الأعراض الأخرى التي قد تظهر على أحد المرضى دون غيره، فأعراض هذا المرض متعددة ومختلفة، وتختلف من مريض إلى آخر.

أسباب مرض بارانويا

لا تزال الأسباب الرئيسية وراء الإصابة بمرض بارانويا غير واضحة تمامًا، إذ يوجد العديد من النظريات التي تفسر كل حالة على حدا، ولكن استطاع العلماء تحديد مجموعة من الأسباب والعوامل التي يمكن أنّ تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، من ضمنها:

  • تغيّر كيمياء الدماغ، إذ تشكّل المواد الكيميائية في الدماغ أساس الأفكار والمشاعر، وقد تتأثر هذه المواد الكيميائية ببعض العقاقير، بما في ذلك الكوكايين، والماريجوانا، والأمفيتامينات، مما يؤثر في أفكار ومشاعر وسلوكيات متعاطينها.
  • أحداث الحياة الصادمة، والتجارب السلبية التي يمر بها الفرد مثل؛ التعرّض لصدمة نفسية سابقة، أو التعرّض للإساءة في الطفولة، أوالتنمر في المدرسة أو العمل، والتي تتسبّب بتشويه طريقة تفكير الفرد طوال حياته، وقد تتطور لسيطرة هذه المشاعر والأفكار السلبية على جميع سلوكياته.
  • الطريقة التي يشعر أو يفكر بها الفرد، فالفرد الذي تسيطر عليه الأفكار والمشاعر السلبية، من قلق، وخوف، وتدني احترام وتقدير الذات، يكون أكثر عُرضة للإصابة بمرض بارنويا. العزلة والوحدة، فالأشخاص الذين يعيشون في عزلة عن الآخرين، يكونون أكثر عُرضة لسيطرة أفكار ومشاعر البارانويا على حياتهم وسلوكياتهم.
  • الصحة النفسية، فقد أثبتت بعض الأبحاث أنّ الحالة النفسية السيئة للفرد غالبًا ما تكون أساسًا لبدء ظهور أفكار ومشاعر البارانويا على الفرد.
  • التعرّض لضغط نفسي وإجهاد عصبي، إذ وجدت بعض الدراسات أن مرض البارانويا غالبًا ما يكون أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين كانوا قد عانوا من ضغوط نفسية شديدة ومستمرة، مثل أسرى الحرب.
  • البيئة الخارجية، التي تلعب دورًا كبيرًا في تحوير المشاعر والأفكار لدى الفرد، فقد وجدت بعض الأبحاث أن حالات البارانويا تكون أكثر شيوعًا لدى الأفراد الذين يعيشون في بيئة حضرية، أو مجتمع واسع يفتقد للاتصال والتواصل بين أفراده، إضافةً إلى دور الإعلام الذي تسيطر عليه أخبار الجريمة والإرهاب والعنف.
  • الأمراض الجسدية، فقد يكون البارانويا في بعض الحالات واحدًا من أعراض بعض الأمراض الجسدية، بما في ذلك مرض هنتنغتون، ومرض باركنسون، والسكتات الدماغية، بالإضافة إلى مرض الزهايمر، وأشكال أخرى من الخرف، كما يمكن أنّ يؤدي فقدان السمع في بعض الأحيان إلى إثارة أفكار ومشاعر البارانويا لدى المصاب.
  • قلة النوم، التي يمكن أنّ تُثير العديد من المشاعر السلبية والهلوسة، مثل القلق، والخوف، وفقدان الأمان.
  • التدخين، وتعاطي العقاقير الترويحية والمخدرات المختلفة، بالإضافة إلى بعض المنشطات التي يتناولها الرياضيون.
  • التعرّض المستمر لبعض المواد الكيميائية، مثل المبيدات الحشرية، والوقود، والطلاء.
  • العوامل الجينية، إذ اقترح العديد من العلماء نظرية ارتباط بعض الجينات بمرض بارنويا، إلّا أنّ هذه النظرية لا تزال قيد الدراسة.
  • مزيج من العوامل المختلفة، فقد تجتمع العديد من العوامل السابقة لدى بعض الحالات مثل؛ العوامل الجينية، والبيئية، والصحية، والنفسية، والتي تتسبب معًا بالإصابة بمرض البارانويا.

تشخيص مرض بارانويا

غالبًا ما يكون تشخيص حالات مرض بارانويا أمرًا صعبًا للغاية، ويعود ذلك إلى أنّ الشعور المبالغ فيه بعدم الثقة هو من الأعراض الشائعة لمجموعة من الاضطرابات العقلية، والأمراض النفسية، كالذي يحدث لدى بعض الأشخاص المصابين ببعض الأمراض الجسدية كالزهايمر، بالإضافة إلى تجنّب المصاب بهذا المرض الذهاب إلى الطبيب، أو المستشفى، والأماكن الطبية الأخرى؛ خوفًا من التعرض للأذى، لذلك يحتاج تشخيص هذه الحالات إلى إجراء العديد من الفحوصات والاختبارات الطبية تحت إشراف الطبيب كونه هو الشخص المسؤول عن تشخيص الحالة، بما في لك:

  • تقييم التاريخ المرضي.
  • الفحص البدني، وتقييم الأعراض.
  • الاختبارات النفسية.
  • الاختبارات الإضافية؛ لاستبعاد الاضطرابات النفسية الأخرى التي قد تسبب نفس الأعراض.

علاج مرض بارانويا

تختلف أساليب العلاج المتبعة لعلاج حالات البارانويا باختلاف نوع وشدّة الأعراض، وغالبًا ما يشمل العلاجات الآتية:

  • العلاج الدوائي: يمكن أنّ يصف الطبيب بعض الأدوية الطبية للسيطرة على بعض الأعراض التي ترافق مرضى البارانويا، إذ يبدأ الطبيب بوصف مضادات الذهان، بالإضافة إلى الأدوية المضاد للقلق لعلاج حالات القلق والخوف التي تسيطر على حياة معظم المرضى، كما يمكن استخدام الأدوية المضادة للذهان، ومضادات الاكتئاب لتخفيف الأعراض.
  • العلاج النفسي: يتضمّن العلاج النفسي جلسات علاجية مكثفة حسب حالة المصاب، وتهدف هذه الجلسات إلى تحقيق المنافع الآتية:
    • تثقيف المصاب بحالته الصحية، وتعزيز تقبله لضعفه وحالته.
    • تعزيز الثقة بالنفس لدى المصاب، وزيادة تقديره لذاته.
    • تنمية الثقة في الآخرين.
    • تعليم المصاب كيفية التعبير عن أفكاره ومشاعره، والتعامل معها بطريقة إيجابية.
    • تطوير مهارات التأقلم مع البيئة المحيطة لتحسين التنشئة الاجتماعية ومهارات التواصل.
السابق
دواء القلق
التالي
اعراض الاكتئاب

اترك تعليقاً