صحة عامة

ما الفرق بين متلازمة الحزن الشديد والاكتئاب؟

ما الفرق بين متلازمة الحزن الشديد والاكتئاب؟

تقلبات المزاج

إنّ الإنسان من أكثر المخلوقات على وجه الكرة الأرضية تعقيدًا من حيث أنظمة الجسم وأجهزته، فالإنسان بطبعه يغضب ويهدأ ويضحك ويمزح، كما أنّه يحزن، وجميع هذه المشاعر تختلف بين الأشخاص، فقد يغضب شخص أكثر من الآخر، وقد يصاب البعض بالاكتئاب أو متلازمة الحزن الشديد، بينما يكون الحزن عاديًا لدى آخرين، وفي هذا المقال سنتطرق إلى الفرق ما بين متلازمة الحزن الشديد والاكتئاب.

ما الفرق بين متلازمة الحزن الشديد والاكتئاب؟

يمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:

الاكتئاب

يعدّ الاكتئاب (Depression) من الاضطرابات المزاجية التي تنتشر بنسبة كبيرة بين الأشخاص، ويمكن أن يصيب الجميع على اختلاف أعمارهم، لكنه أكثر انتشارًا لدى النساء من الرجال، ويؤدي الاكتئاب إلى الشعور بحزن شديد لدرجة تصبح فيها ممارسة الأنشطة الحياتية بصورة طبيعية أمرًا صعبًا.

من المهم معرفة أنّ الشعور بالحزن أو الإحباط والاكتئاب أمر طبيعي عند جميع الأشخاص، لكن استمرار هذا الشعور مدةً طويلةً وبانتظام يشير إلى الإصابة بالاكتئاب، وينبغي الإشارة إلى أنّ الاكتئاب يعدّ حالةً مرضيةً خطيرةً ما لم تتم معالجته، ولم يحدد الأطباء سببًا واضحًا لحدوثه، لكنهم يُرجعون أسباب الإصابة به إلى الآتي:

  • العوامل البيئية.
  • العوامل الوراثية.
  • التغيرات في مستويات النواقل العصبية في الدماغ.
  • الضغوطات النفسية والاجتماعية.
  • الإصابة السابقة ببعض الأمراض النفسية، كاضطراب ثنائي القطب.

متلازمة الحزن الشديد

متلازمة الحزن الشديد أو ما يعرف بالحزن المعقد (Complicated Grief) هي متلازمة غالبًا ما تصيب الأشخاص بعد المرور بتجربة محزنة، كموت شخص قريب، ومن الطبيعي أن يمر الإنسان بمدة من الحزن والضعف والغضب وحتى الشعور بالذنب، لكن هذه المشاعر تقل تدريجيًا ليقبل الشخص حقيقة فقدان شخص ما، ومعاناة ألم الفقدان ثمّ التأقلم مع الواقع الجديد والعودة إلى العلاقات الحياتية والأنشطة.

أمّا عند الإصابة بمتلازمة الحزن الشديد فإنّ الحزن يكون حادًا ولا تزول المشاعر المرتبطة به أو تقل مع مرور الوقت، ويعدّ الأطباء الشخص مصابًا بمتلازمة الحزن الشديد عندما لا يتخطى مرحلة الحزن بعد مرور عام من وفاة الشخص أو حدوث الأمر المحزن.

ويتمثّل الفرق ما بين الاكتئاب ومتلازمة الحزن بأنّ الاكتئاب مرض عقلي يبدأ في الدماغ وله العديد من الأنواع، كاضطراب الاكتئاب الشديد الذي قد يستمر لسنوات طويلة، أو الاكتئاب الكبير أو ما يعرف بالاكتئاب الذهاني الكبير، أو اكتئاب ما بعد الولادة، ويمكن أن يحدث الاكتئاب نتيجة الحزن أو وفاة شخص قريب، ومن الممكن أن تتشابه أعراض الاكتئاب ومتلازمة الحزن الشديد لكن طرق العلاج حتمًا تختلف.

ما أعراض متلازمة الحزن الشديد؟

من الطبيعي أن تظهر علامات الحزن بعد حدوث أمر محزن، وتستمر خلال الأشهر الأولى، وهي نفسها أعراض الحزن الشديد، وبعد مرور الوقت فإنّ الحزن الطبيعي تزول أعراضه، أمّا أعراض متلازمة الحزن الشديد فتستمر وتزداد سوءًا، وفي جميع الأحوال فإنّ أعراض هذه المتلازمة تتضمن الآتي:

  • صعوبة تقبّل فكرة الموت.
  • فقدان معنى الحياة ووجود هدف معين.
  • عدم الثقة بالآخرين.
  • الألم والحزن الشديدين، وسيطرة جميع الأفكار التي تتعلق بالشخص الذي مات.
  • الشوق الكبير والمتواصل للمتوفى.
  • عدم القدرة على الاستمتاع بالحياة، أو إيجاد خطوة إيجابية جديدة، أو النظر إلى موت الأشخاص بطريقة طبيعية.
  • عدم القدرة على ممارسة الأنشطة الحياتية بصورة طبيعية.
  • الرغبة بالموت مع الشخص.
  • الشعور بالاكتئاب والحزن العميق.
  • الانعزال عن الآخرين.

كما أشير فإنّ الاكتئاب قد يكون من أحد أعراض متلازمة الحزن الشديد، على الرغم من أنّ أعراض الاكتئاب عديدة، كالشعور بالتعب والإرهاق، واضطرابات المزاج، كالعدوانية، والغضب، والأرق، والقلق، وقلة الرغبة الجنسية والأداء الجنسي، واللجوء إلى تعاطي المخدرات والكحول، وصعوبة التركيز، والصداع، والألم في الجهاز الهضمي، وصعوبة النوم أو النوم كثيرًا، وعدم القدرة على الاستيقاظ، وقلة الرغبة بتناول الطعام، بالتالي فقدان الوزن، وصعوبة القدرة على إنجاز المهام في العمل أو المدرسة، والانعزال الاجتماعي.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

عند حدوث أمر محزن أو وفاة أحد الأشخاص المقربين ومرور عام كامل دون زوال أعراض الحزن الشديد فلا بُدّ من مراجعة الطبيب فورًا، بالإضافة إلى أنّ المصابين بمتلازمة الحزن الشديد قد تراودهم أفكار انتحارية؛ لذا ينبغي الانتباه من قِبَل من يحيطون بالشخص المصاب ومراقبته، وعند حدوث ذلك لا بُدّ من مراجعة الطبيب فورًا أو الاتصال بمراكز الرعاية الطبية الطارئة لاتخاذ الإجراءات اللازمة قبل حدوث الانتحار.

ما أسباب الإصابة بمتلازمة الحزن الشديد وعوامل الخطر؟

كما هو الحال في الاضطرابات العقلية الأخرى لم يحدد الأطباء أسبابًا واضحةً للإصابة بمتلازمة الحزن الشديد، لكنهم يعدّون العوامل الوراثية والشخصية والبيئية عوامل تزيد من خطر الإصابة بها، وقد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضةً للإصابة بهذه المتلازمة، وذلك بالاعتماد على ظروف الوفاة، بالإضافة إلى الأشخاص في الحالات الآتية:

  • يعدّ الأشخاص الذين يفكّرون بالشخص المتوفي أكثر عرضةً للإصابة بمتلازمة الحزن الشديد.
  • الأشخاص الذين تحدث لديهم ردود فعل قوية بعد الصدمة.
  • الأشخاص الذين تحدث لديهم الصدمات بصورة مفاجئة أو غير متوقعة.
  • الأشخاص المصابون سابقًا بالاكتئاب، أو اضطرابات القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة.

كيف يتم تشخيص متلازمة الحزن الشديد؟

يعتمد الطبيب في تشخيص متلازمة الحزن الشديد على المعايير التشخيصية المحددة من قِبَل منظمة الصحة العالمية، ولأن هذه المتلازمة تتشابه في أعراضها مع الاكتئاب فإنّ الأطباء يشيرون إلى أنّ التشخيص يبحث عن الشوق المستمر والانشغال بأمور الشخص المتوفى على عكس الاكتئاب الذي يسبب شعورًا بالحزن العام وفقدان الاهتمام والمتعة في الأشياء الحياتية، كما يكشف الطبيب في التشخيص عن الأعراض الآتية:

  • عدم القدرة على التفكير بإيجابية تجاه فكرة الموت أو الشخص المتوفى.
  • صعوبة العودة إلى ممارسة الأنشطة الحياتية بصورة طبيعية.
  • الحزن المستمر والشديد.

كيف يمكن علاج متلازمة الحزن الشديد؟

طوّر الأطباء علاجًا يحتاج إلى مدّة زمنية قصيرة لعلاج متلازمة الحزن الشديد، ويهدف العلاج النفسي بالدرجة الأولى إلى تقليل خطر حدوث المضاعفات، ويرتكز علاج هذه المتلازمة على طريقتين، وهما: حل المشكلات التي تسببها المتلازمة، وتعليم المصاب التكيف مع الخسارة، وذلك يتم من خلال الإجراءات الآتية:

  • فهم الحزن.
  • إدارة العواطف السلبية والمؤلمة، وتعليم المصاب التفكير في المستقبل بدلًا من المتوفى.
  • اتخاذ الإجراءات لتقوية العلاقات الاجتماعية لدى المصاب.
  • تعليم المصاب كيفية التعايش مع الذكريات وتذكر الشخص المتوفى.
  • توضيح فكرة الموت لتقبّلها من قِبَل المصاب.

وتتم الإجراءات العلاجية خلال 16 جلسةً، وتبدأ كل جلسة بمراجعة الجلسات السابقة، ثم الانتقال إلى الإجراء الذي يليه، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه العلاجات فعّالة؛ إذ يُشار إلى أنّ 70% من المصابين بهذه المتلازمة تحسنوا كثيرًا بعد مرور 4-5 أشهر من الخضوع للعلاج.

ما مضاعفات متلازمة الحزن الشديد؟

من الممكن أن تتسبب متلازمة الحزن الشديد بالعديد من المضاعفات، التي تتضمن الآتي:

  • اضطرابات النوم.
  • زيادة الأفكار والسلوكيات الانتحارية.
  • تزيد متلازمة الحزن الشديد من الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسرطان.
  • إدمان الكحول والسجائر والمخدرات.
  • القلق.
  • الاكتئاب.
السابق
ما هو التنمر الإلكتروني
التالي
فوبيا الظلام: ما أعراضها وهل يمكن علاجها؟

اترك تعليقاً