صحة عامة

لماذا يؤذي بعض الأشخاص أنفسهم؟

لماذا يؤذي بعض الأشخاص أنفسهم؟

إيذاء النفس

هنالك العديد من الاضطرابات النفسية التي قد تُصيب الإنسان، وأحدها إيذاء النفس أو ما يُعرف في الطب بإسم إيذاء النفس غير الانتحاري (Nonsuicidal self-injury) واختصارًا NSSI، وفيه يتسبب الشخص المُصاب بالأذى المقصود لأحد أنسجة الجسم ليس لرغبة في إرضاء المجتمع بوصف ذلك نوعًا من ضغط الأقران، وليس بهدف الانتحار أيضًا، وكغالب المشكلات النفسية فإنّ هذه الحالة مرتبطة بشكل رئيس بالاضطرابات العاطفية والنفسية للشخص، وقد أظهرت نتائج الأبحاث المكثّفة مؤخرًا أنّ ما يُقارب ستة في المئة من البالغين يُعانون أو قد عانوا في الماضي من اضطراب إيذاء النفس، أمّا هذه النسبة تبدو مضاعفة عند الأطفال واليافعين؛ إذ تصل نسبة الإصابة في هذه الفئة إلى عشرين في المئة.

لماذا يؤذي بعض الأشخاص أنفسهم؟

يرتبط إيذاء النفس بالصورة النمطية التي تشير إلى أنّ الأشخاص الذين يُمارسون أشكال إيذاء النفس يفعلون ذلك بهدف جذب الانتباه أو الرغبة بلفت الأنظار، لكنّ هذا الأمر لا يَمُتُّ للحقيقة بصلة، وفي ما يأتي ذكر بعض المسببات لإيذاء النفس.

الاضطرابات النفسية

يؤكّد أطباء النفس أنّ هؤلاء الأشخاص يمارسون الأذى الجسدي الذي يتسبب في الألم الملموس للتخلّص من الألم النفسي الداخلي أو التخفيف من حدّته، وبالتالي فإنّ إيذاء النفس ناجم من الاضطرابات النفسية الداخلية التي قد يُعاني منها بعض الأشخاص، فيُشبّه الأطباء الأثر اللحظي الذي يتركه إيذاء النفس عند الأطفال باستخدام المسكنات أو المواد المخدرة للتخلص من الشعور بالألم النفسي، فعندما يؤذي الطفل جسمه فإنّ جسمه يفرز مادة الإندورفين التي تسبب السعادة أو المشاعر الجيدة، لكن يؤكّد الأطباء أنّ هذا الشعور ينبع فقط من وجود مشكلة نفسية، فيُعدّ الاستمتاع بإيذاء النفس علامة رئيسة لوجود اضطراب داخلي، ويُعدّ في بعض الحالات من أعراض الإصابة بالمشكلات النفسية الأخرى؛ مثل: مرض الفصام أو اضطراب ثنائي القطب أو اضطراب القلق المفرط أو اضطراب الشخصية الحدّي والاكتئاب.

عدم القدرة على التعبير الصحي عن المشاعر

في حال عدم قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره بطريقة صحيحة تتراكم المشاعر السلبية فتتطور وتصبح أكثر جدّية؛ كأن يشعر الشخص بالعجز التام أو كُره الذات أو الندم المستمر واليأس، فيصبح الشخص عاجزًا عن تحمّل هذه المشاعر فيلجأ للتعبير عنها من خلال إيذاء نفسه، وعلى الرغم من أنّ هذه الطريقة قد توفّر بعض الراحة اللحظية، لكنّها تسبب المزيد من المشاعر السلبية؛ مما يدفع الشخص لإيذاء النفس مجددًا فتصبح حلقة مفرغة متكررة يصعب إيقافها دون اللجوء إلى المساعدة، وبالإضافة إلى الاضطرابات النفسية فإنّ إيذاء النفس قد ينشأ نتيجة العديد من المُسببات المختلفة التي يُذكر منها الآتي:

الصدمة النفسية: والتي قد تتمثل في التعرّض للإساءة الجسدية أو العنف الجنسي، أو وفاة أحد الأشخاص المقربين؛ كفرد من العائلة أو الأصدقاء أو إجهاض المرأة الحامل لجنينها.

المشكلات الاجتماعية: والتي تتعدّد بأشكاها المختلفة؛ مثل: تعرّض الأطفال أو البالغين للتنمر في المدرسة أو العمل أو الصعوبات المُصاحبة للعلاقات الاجتماعية مع الأهل أو الأصدقاء أو الشعور العارم بالضغط النفسي؛ نتيجة الضغوضات المرتبطة ببعض الثقافات؛ مثل: الإجبار على الزواج.

ما علامات إيذاء النفس؟

هنالك بعض العلامات التي قد تظهر على الشخص الذي يؤذي النفس، والتي قد تساعد في الكشف عن وجود المشكلة خاصة في حال إيذاء المراهقين او الأطفال النفس؛ مما يُساعد الأهل في تحديد ما إذا كان الطفل يُمارس إيذاء النفس، وتُذكَر هذه العلامات في ما يأتي:

  • ظهور الجروح أو الخدوش غير المبررة على الجسم، والتي قد يبرر الطفل وجودها عبر اختلاق قصص غير صحيحة؛ مثل: إلقاء اللوم على الحيوانات الأليفة وتسببها في هذه الخدوش.
  • التقلبات المزاجية؛ مثل: الاكتئاب أو التوتر.
  • تغيّر طبيعة العلاقات الاجتماعية مع الأهل أو الأصدقاء، وفقد القدرة على التعبير عن المشاعر.
  • تراجع الأداء الدراسي للطفل.
  • ظهور الجروح المستقيمة الخطّية على الذراع أو الفخذ أو الرِّجل والأحرف المحفورة وغيرها.

ما أشكال إيذاء النفس؟

على الرغم من وجود بعض أشكال أكثر شيوعًا لإيذاء النفس بين الأشخاص المُصابين، لكنّها قد تتضمن أيّ تصرّف أو نشاطًا يهدف إلى التسبب في الأذى للشخص دون أن يبدو هذا التصرف نابعًا من ضغط مجتمعي أو غيره، ويجدر بالذكر أيَضًا أنّ الشخص المُصاب غالبًا ما يُمارس هذه التصرفات وحده في عزلة تامّة وبنمط روتيني متكرر، وكما ذُكر سابقًا، فإنّ الهدف من إيذاء النفس ليس الانتحار، وبالتالي فإنّ التصرفات المتبعة ليس من شأنها أن تُنهي حياة الشخص إنّما في غالب الأمر لها أن تترك أثرًا واضحًا في الجسم. في ما يأتي ذكر بعض أشكال إيذاء النفس:

  • ضرب الرأس أو لَكم الجسم.
  • الحك الشديد الذي من شأنه التسبب في خدوش الجلد.
  • استخدام أداة حادة أو سكين لجرح الجلد.
  • حفر العبارات أو الكلمات أو الرموز على الجلد أو إدخال الأجسام الغريبة تحته.
  • حرق الجلد إمّا باستخدام مصدر مباشر للحرارة؛ مثل: أعواد الثقاب، أو وضع الأجسام الساخنة على الجلد؛ مثل: حرق الجلد باستخدام السجائر المشتعلة.

ما مضاعفات إيذاء النفس؟

لممارسة إيذاء النفس العديد من المخاطر الجسدية والنفسية التي تضع الشخص تحت المزيد من الضغوضات، فبالإضافة إلى زيادة المشاعر السلبية؛ مثل: تراجع الثقة بالنفس، والندم أو الشعور بالعار، فإنّ المضاعفات قد تتضمن:

  • تشكّل الندوب الدائمة التي تترك أثرًا في الجسم.
  • تطوّر الاضطراب النفسي المتسبب في إيذاء النفس إلى مراحل خطيرة في حال عدم علاجه، وزيادة احتمال الانتحار.
  • تشكّل الجروح الخطيرة، والتي قد تصبح مميتة في بعض الأحيان.
  • العدوى نتيجة تلوثّ الجروح أو مشاركة الأدوات الحادة مع الآخرين.

ما علاج حالة إيذاء النفس؟

غالبًا ما يطلب الأشخاص الذين يمارسون إيذاء النفس المُساعدة بشكل مباشر، وفي الكثير من الأحيان تبدو ملاحظة العلامات المذكورة سابقًا عبر الطبيب أو الأهل الطريقة الأساسية في التشخيص، فلا يوجد أي تحليل مخبري معيّن للكشف عن هذه المشكلة، أمّا العلاج فيعتمد بصورة رئيسة على العلاج النفسي المتخصص بالتعديلات السلوكية؛ مثل: العلاج بإعادة التوجيه، وتغيير نمط التصرفات والتفكير، وتعزيز الممارسات الإيجابية، ومساعدة الشخص في تعلم الأساليب التي تقلل من رغبته في إيذاء النفس، كما قد يُلجَأ إلى استخدام الأدوات الواقية؛ مثل: القفازات أو الخوذة لحماية الشخص، والعلاجات الدوائية؛ مثل: مضادات الاختلاج، ومضادات الاكتئاب، لكنّها غالبًا ما تُستخدَم في الحالات التي يبدو فيها إيذاء النفس ناجمًا من اضطرابات نفسية باطنة.

السابق
ما المقصود بفقدان الثبات الانفعالي؟
التالي
ما هو اضطراب التكيف؟

اترك تعليقاً