صحة عامة

الإهمال العاطفي للأطفال؛ أشكاله، مؤشراته وعلاجه

الإهمال العاطفي للأطفال؛ أشكاله، مؤشراته وعلاجه

مما لاشك فيه أن التربيه السليمه والسويه هي أهم عوامل الإستقرار النفسي والعاطفي لدى الأطفال, فالإهمال العاطفي وكذلك الإهمال النفسي تربطهم علاقه وطيده بالإهمال التربوي ففي حالة أن تكون أساليب التربيه ليست صحيحه فمن شأن هذا التأثير السلبي في النمو العاطفي للطفل .. هذه الحاله من أهم العوامل التي تقضي على الطفل وأكثرها إنتشاراً.

والمقصود من النمو العاطفي للطفل أن يتكون لدى الطفل شخصيه متوازنه وإستقرار داخلي يُساعد الطفل أن يُحسن في التعامل مع من حوله بشكلٍ سوي ويحسن الظن بالمجتمع ومن فيه أجمع وبالطبع يبتعد الطفل عن جميع الأساليب الغير صحيحه وغير أخلاقيه في الحياه كالكذب والسرقه والعنف والاعتداء والغش ونشر الفتن والسب والشتم وغيره من السلوكيات والقيم الغير صحيحه والغير اخلاقيه.

أنواع الإهمال

الإهمال الجسديّ
يشمل رفض طلب الرّعايّة الصّحيّة اللّازمة، وهجر الطّفل (أي تركه دون تأمين رعاية أو إشرافٍ بديلٍ جيّد)، وعدم كفاية الإشراف، ونبذ الطّفل الّذي يؤدي إلى طرده من المنزل وحرمانه السّلامة والاحتياجات الجسديّة والعاطفيّة، عدم كفاية التغذية أو الملابس أو النظافة، عدم الانتباه للأخطار التي يمكن تجنبها في المنزل، وأشكال أخرى من الاستهتار بسلامة الطفل (مثل: القيادة مع الطفل أثناء السُّكر، وترك طفلٍ صغيرٍ في السيارة دون رقابة).

الإهمال التّعليميّ
يحدث عندما يُسمح للطفل بالتّغيب الدّائم، أو أن يكون قد بلغ سن المدرسة ولكن لا يحصل على التعليم. بالإضافة إلى رفض أو الفشل في تأمين الخدمات التّعليميّة التّصحيحيّة المُوصَى بها (وهي خدمات لمساعدة الطّلاب الضّعفاء من أجل تحقيق الكفاءات المتوقّعة منهم في العلوم الأساسيّة)، أو إهمال العلاج في حالةِ اضطراب التّعلم المشخّص لدى الطّفل أو غيرها من احتياجات التّعليم الخاص؛ دون سببٍ معقول.

الإهمال العاطفيّ
يتضمَّن عدم كفاية التّربية والألفة، سوء معاملة الشّريك بحضور الطّفل، السّماح للطّفل باستخدام المخدّرات أو الكحول، رفض أو تأخير الرعاية النّفسيّة اللّازمة، وتشجيع أو السّماح بسلوك سيّء آخر (مثل: الجنوح المزمن، شدّة العدوانيّة) عندما يكون الوالد أو مقدّم الرّعاية على دراية بوجود مشكلة ولكنّه لا يتدخّل.

الإهمال الطّبيّ
هو عدم توفير الرّعاية الصّحيّة المناسبة للطّفل. قد تظهر عليه علامات سوء الحالة الصحيّة مثل: التّعب، والجّروح المخموجة، وحكّ أو خدش الجلد المستمر.

الأسباب

  • لا يتقصّد معظم الآباء أذيّة أو إهمال أطفالهم. والكثير منهم قد تعرّض للإهمال أو الأذيّة في طفولته.
  • قد لا يعرف الوالدان الصّغيران أو قليلا الخبرة كيف يعتنون بأطفالهم، أو ما يجب أن يتوقعانه من الطّفل في مراحل تطوّره المختلفة.
  • في بعض الأحيان تكون الظروف الّتي تضع العائلات تحت ضغطٍ غير اعتياديّ -على سبيل المثال: الفقر، الطّلاق، المرض، الإعاقة- لها الدّور الأكبر في سوء معاملة الأطفال.
  • الآباء الذين يتعاطون الكحول أو المخدرات الأخرى؛ أكثر قابلية لإساءة معاملة أطفالهم أو إهمالهم.
  • أسباب الإهمال المرتبطة بالأهل تنبع من حالتهما النفسيّة، وتاريخهما التّطوّري، وخصائص الأسرة والطّفل، وطرق وموارد التّكيّف مع الظّروف المختلفة.

خصائص الأطفال المهمَلين

قد يظهر الأطفال المُهملون ضعفًا في العلاقات الاجتماعية، وتأخرًا في التطور، وقد يتعرضون للحوادث بشكل متكرر، ويظهر لديهم انخفاض في تقدير الذات. ومن المؤشرات التي تدل على إهمال الطفل: الملابس المتسخة، وهزال الجسم، والتأخر في الدراسة، والجوع الدائم، والأفعال التخريبية.

 

تأثير إهمال الطفل في مرحلة الطفولة

1.تطور الصحة البدنية
أظهرت البحوث أنه عند بلوغ الطفل ستة أعوام وكان قد تعرض لخبرات ضارة مثل الإهمال، فإن ذلك يزيد من احتمالات تدهور صحته البدنية ككل بنسبة الضعف. ويمكن أن تكون الصحة البدنية للرضع ضعيفة إذا تعرضوا للإهمال حتى من قبل الولادة، فالطفل المحروم من احتياجاته الأساسية مثل رعاية ما قبل الولادة يكون عرضة لخطر الولادة المبكرة أو مضاعفات أثناء الولادة. من النتائج الشائعة للإهمال الطبي هي عدم القدرة على النمو لدى حديثي الولادة والأطفال. وتنشأ هذه المشكلة عند حرمان الطفل من التغذية المناسبة أو العناية الطبية اللازمة للنمو البدني السليم والتطور. ونتيجة لذلك، يُترك الطفل المهمل عرضة لاحتمال إصابته بإعاقات بدنية دائمة.

 

2.التطور الاجتماعي والعاطفي

  • التعلق وتجنب العلاقات الحميمة: يحتاج الطفل في مرحلة النمو إلى التغذية السليمة والحماية وتنظيم التعلق، حيث يعاني ما يقرب من 80% من الأطفال المهملين من أعراض اضطراب التعلق حيث يشعرون بعدم الأمان في تعلقهم بمن يقدمون لهم الرعاية نتيجة لنقص الاستجابة العاطفية من مقدمي الرعاية. وسوف يؤدي هذا الاضطراب في التعلق بمقدمي الرعاية الأولية إلى تغير علاقات الأطفال المستقبلية مع أقرانهم؛ حيث يصبحون منعزلين عن الآخرين عاطفيًا وجسديًا مع انخفاض احتمال تكوين روابط عاطفية. علاوةً على ذلك، فإنه نتيجة لما تعرضوا له من سوء معاملة في الماضي، يشعر الأطفال المهملون أن تكوين علاقات حميمة مع الآخرين يفقدهم السيطرة على حياتهم ويجعلهم أكثر عرضة للمخاطر.
  • التحلل من القيود العاطفية: يفتقر الأطفال الذين تعرضوا للإهمال إلى الحس العاطفي السليم، كما ينقصهم القدرة على فهم التعبيرات العاطفية للآخرين ويجدون صعوبة في التمييز بين المشاعر. وعند التعرض لمهام حل المشكلات، يتسم رد فعل الأطفال الذين تعرضوا للإهمال بالغضب والإحباط ويكونون أقل حماسًا لاستكمال المهام الجديدة. وكثيرًا ما يعاني هؤلاء الأطفال المهملون من ذكريات مؤلمة عن الماضي حيث كانوا يتحكمون في عواطفهم بكبتها.

3.التطور النفسي
يمكن أن يؤدي سوء المعاملة والإهمال في الطفولة إلى الإصابة بـاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والكآبة واضطرابات القلق في الحياة فيما بعد. وعلى الرغم من أننا لا نرى الاكتئاب الشديد لدى الأطفال الصغار مقارنة بالبالغين إلا أنه لا يزال سائدًا لديهم.

4.التطور الأكاديمي والمعرفي
أشارت دراسات التقدم الأكاديمي للأطفال المهملين أنهم قد يعانون من تراجع أدائهم الأكاديمي، فالأطفال الذين تعرضوا للإهمال يكونون أكثر عرضة للإصابة بتشتت الانتباه وضعف التحصيل الأكاديمي. فضلاً عن ذلك، فإن الإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات الإجهاد لدى الأطفال، ويمكن أن تؤدى المستويات المرتفعة من الإجهاد إلى إفراز مستويات عليا من هرمون الكورتيزول مما يتسبب في تدمير الحُصين، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على تعلم الطفل وذاكرته.

 

أثر إهمال الأطفال على المدى الطويل

هناك صفات تميز البالغ الذي تعرض للتجاهل العاطفي خلال مرحلة الطفولة .. كما أن الكثير من الناس لا يدركون أن صراعاتهم العاطفية أو الجسدية كبالغين يمكن أن تكون مرتبطة بالإهمال العاطفي، الذي عانوا منه كأطفال! لذا يتصف البالغ الذي تعرض لإهمال عاطفي وهو طفل صغير بما يلي:

– اختبار الشعور بتدني احترام الذات والعار: لا يعلمك والداك الدروس التي كنت تحتاجها لتعرف كيف تتعامل مع الحياة، لذلك شعرت بأنك غير مؤهل وخجلت من حالتك الدونية، فلم تعرف كيف تهلل لنفسك مطلقاً عندما قمت بشيء جيد، بالتالي لم تكن تدرك أهمية إنجازاتك، وبدون التعزيز الإيجابي.. عانيت من تدني احترام الذات، كما شعرت أنك لم تكن جيد بما يكفي لتلقي الثناء والمديح أو الإشادة، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى تقيم الذات يؤدي إلى ضعف الرعاية الذاتية أو إهمال الذات لدى بعض الناس.

– القساوة الشديدة على النفس: ضحايا إهمال الطفولة غالباً ما يشعرون بالغضب وخيبة الأمل من أنفسهم، حيث يحكمون على أنفسهم بقسوة أكثر مما يحكمون على الآخرين، كما يقيدون أنفسهم بمعايير عالية، على سبيل المثال عندما يكونون في ظرف اجتماعي معين، قد يلومون أنفسهم بقسوة لقول ما؛ يظنون أنه تعليقات غبية أو خاطئة! إن الحكم القاسي على الذات؛ يمكن أن يكون نتيجة لعدم تلقي الشفقة أو الرعاية العاطفية الكافية في مرحلة الطفولة.

– فقدان الشعور بالانتماء: يشعر الضحايا بأنهم لا ينتمون إلى أي مكان، حتى بين أفراد العائلة والأصدقاء، كما يقول الأشخاص المقربون منهم إنهم بعيدون، وغالباً ما يريدون فقط أن يُترَكوا بمفردهم، حيث يشعرون بعدم الارتياح في المواقف الاجتماعية، وقد يشعرون أنهم غير مترابطين مع أسرهم، فمع نموهم لم يلاحظ والديهم عندما شعر أطفالهم بالحزن أو كانوا يحتاجون إلى الراحة، بالتالي عندما يتم تجاهل الأطفال دون أن يلحظهم أحد.. أو أن كلماتهم أو أفعالهم يساء فهمها من قبل آبائهم؛ يستجيب الأطفال عن طريق الشعور بأنهم غير مهمين أو خاطئين أو غير مقبولين، كذلك عندما يتم السخرية من الطفل، يخاف أيضاً من التعبير عن نفسه لأنه قد يتعرض لتحطيم المعنويات أو العقاب، بالتالي تم قمع عواطفه فيبني جداراً عاطفياً حول نفسه لحمايتها من التعرض للإصابة، كما قد يشعر ضحايا الإهمال العاطفي بالراحة أكثر مع الحيوانات مقارنة بالناس! والميل إلى العيش في عزلة عن الآخرين.

– إنهم فخورون باستقلالهم: يفخر المهمَل عاطفياً خلال طفولته بأنه لا يحتاج إلى الاعتماد على الآخرين، نتيجة لذلك يجد صعوبة في طلب المساعدة، كما أن لديه مشكلة في الثقة بأشخاص آخرين لأن التجربة علمته أن الناس غير موثوقين، وربما لن يلبوا احتياجاته.

– يشعرون أنهم لم يحققوا أهدافهم في الحياة: وأن هناك شيئاً خاطئاً معهم ويصارعون ضبط النفس، فمن الصعب عليهم التعرف على احتياجاتهم ووضع خطة منظمة لمستقبلهم، بالإضافة إلى أنهم قد يشعرون بالعجز عن تغيير وضعهم لأن احتياجاتهم لم تتحقق في الماضي، بالتالي تكون حياتهم روتينية مملة.

– يشعرون غالباً بالعزلة: يشعر ضحايا الإهمال العاطفي أحياناً بأنهم يمكن أن يعيشوا بسهولة في عزلة مثل الناسك، فكثيراً ما يشعرون أنهم في خارج دائرة من الناس خاصة في المناسبات الاجتماعية، أو حيث يكون هناك تجمع كبير من الناس، بالنسبة لطفل مهمل عاطفياً كان يعتبر أن غرفته هي المكان الآمن الذي لم يكن فيه أحد يتسلط عليه أو يسخر منه، فسيغدو بالغاً وهو يشعر بأن العزلة هي الوحيدة التي تعزز لديه الشعور بالأمان.

– لا يستطيعوا التواصل مع مشاعرهم: قد يواجه شخص بالغ تعرض للإهمال العاطفي وهو طفل؛ صعوبة في تحديد انفعالاته، غالباً ما يشعر بانعدام السعادة أو النزق دون سبب واضح، كما يواجه مشكلة في تهدئة مزاجه عند الانزعاج، ضحايا الإهمال العاطفي هم في الغالب غير قادرين على التحدث عن نقاط قوتهم وضعفهم، في بعض الأحيان يشعرون بالفراغ من الداخل، يبدو أن هناك شيء ما يمنعهم من المشاركة مع الناس في المواقف الاجتماعية، حيث اضطروا إلى قمع مشاعرهم في مرحلة الطفولة كما ذكرنا ولم يعرفوا كيفية إدارة مشاعرهم بطريقة صحية، كانوا أشبه بطائر مع أجنحة مكسورة.. يختبئ خلف جدار ليحمي نفسه من الأذى.

– يتعرضون لمخاطر اعتلال الصحة العقلية والإدمان: قد يكون البالغ من ضحايا إهمال الطفولة العاطفي قد عانى من اكتئاب مزمن كمراهق وصغير، كما قد يعاني آخرون من حالات الصحة العقلية مثل اضطرابات ما بعد الصدمة وصعوبات التعلق، قد يتحول بعض الأشخاص الذين يعانون من الإهمال إلى تعاطي المخدرات أو أنواع أخرى من الإدمان، كي يستطيعوا التعامل مع الألم العاطفي الذي لا يمكن السيطرة عليه.

علاج الاهمال عند الاطفال

يمكن علاج الإهمال من خلال عدة خطوات لتجنب العواقب الوخيمة, و تشمل :

  • تخصيص الأم وقت كافي لرعاية الطفل و الإهتمام به بدنياً و نفسياً.
  • الإستماع لشكوى الطفل و عدم الإستهانة بما يشعر به.
  • أخذ الطفل إلى النوادي الإجتماعية و مساعدته على الإختلاط بالآخرين و تكوين صداقات و منحه الرعاية و الحب.
  • متابعة الطفل للتحصيل الدراسي و مساعدته على إجتياز الإختبارات المدرسية.
  • عمل الفحوص الدورية للطفل و عدم إهمال صحة الطفل.
  • عرض الطفل على طبيب نفسي عند ظهور أعراض عنف أو عدوانية تجاه الآخرين.
  • يحتاج الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة إلى جهد مضاعف للإعتناء بهم, و يجب عدم إخفاء ذلك عن الآخرين و إشراكهم في النشاط الإجتماعي.

كيفية التغلب على الإهمال العاطفي بعد البلوغ

  • إدراك ما حصل: يجب أن نعترف أننا عانينا من الإهمال العاطفي، ولكن ضع في اعتبارك أنه ليس خطأ الوالدين، لأن هذه ربما كانت الطريقة التي نشؤوا بها؛ فلم يكونوا ببساطة قادرين على إعطائك ما لم يكن لديهم.
  • الإقرار بأهمية مشاعرنا واحتياجاتنا:تحتاج إلى هدم الجدار الذي أنشأته بينك وبين مشاعرك؛ حيث إن تحديد وتعريف الاعتراف بعواطفك ومشاعرك خطوات مهمة إلى الأمام.
  • تعلم المهارات للتعبير عن تلك المشاعر:تعلم واستخدام هذه المهارات، لتحسين نوعية وعمق علاقاتك مع الآخرين.
  • الحصول على الدعم: خلال العمل على تنفيذ هذه الخطوات.
السابق
الصديق الخيالي؛ ظاهرة طبيعية أم مشكلة تحتاج علاج؟
التالي
خوف الطفل من المدرسة مشكلة تحتاج علاج

اترك تعليقاً