صحة عامة

ما سبب حالة هوس إشعال الحرائق؟

ما سبب حالة هوس إشعال الحرائق؟

هوس إشعال الحرائق ما هو؟

يمكن أن يواجه الشخص العديد من الاضطرابات النفسية الغريبة، ويعد هوس إشعال الحرائق أحد أغرب الاضطرابات النفسية التي شخصها ووثقها الأطباء، فما هو هوس إشعال الحرائق؟ وما هي الأعراض التي تنجم عنه؟ وما هي أسباب حدوثه؟ وكيف يمكننا التعامل معه وعلاجه؟

قد يُعتقد أنّ اهتمام وانبهار شخص بالنار بهدف الضرر بصورة كبيرة يرجع إلى حالة هوس إشعال الحرائق، وتوجد العديد من المفاهيم الخاطئة، وسوء الفهم حول هذا الاضطراب، وأحد أكبر هذه المفاهيم أنّ الشخص المخرب العمد، أو الشخص الذي يهتم بإشعال الحرائق يعد مصابًا بهوس إشعال الحرائق، لكن ذلك غير صحيح تمامًا.

يُعرف هوس إشعال الحرائق بأنّه حالة نفسية يهتم فيها الشخص بإشعال الحرائق، بينما يعد التخريب العمد، أو إشعال الحرائق بهدف الضرر عمل وسلوك إجرامي، ويمكن أن يكون أو لا يكون متصلًا بهذه الحالة، ويعد هوس إشعال الحرائق حالة نادرة جدًا، لا زالت قيد البحث؛ إذ إن المعلومات حوله لبست كافية، وتشير التقديرات أنّ ما بين 3%-6% فقط من الأشخاص الذين يتلقون العلاج بمستشفيات الصحة النفسية يستوفون الشروط تشخيص هذه الحالة.

ما سبب حالة هوس إشعال الحرائق؟

يفترض عالم النفس فرويد أن إشعال النار يمثل تعويض الشخص عن رغبة بدائية لديه في إظهار القوة على الطبيعة، وحاول العديد من الباحثين شرح حقيقة أن هذا الاضطراب هو في الغالب اضطراب ذكوري، اعتمادًا على تفسير فرويد في أن للنار علاقة أساسية خاصة بالرغبة الجنسية للذكور.

لذلك فإن أسباب هوس إشعال الحرائق بين الأطفال والمراهقين معقدة وغير مفهومة تمامًا، لكن يمكن أن تنقسم العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها إلى عوامل فردية وعوامل بيئية، ويمكن تفصيل ذلك كما يأتي:

  • العوامل الفردية، ويمكن أن تتضمن التالي:
    • السلوكيات والمواقف المعادية للمجتمع، غالبًا ما يرتكب المراهقين المصابين بهوس إشعال الحرائق جرائم أخرى، مثل؛ الاغتصاب، وتخريب الممتلكات، وغيرها من الجرائم.
    • السعي وراء المتعة، يمكن أن ينجذب المراهقين للحرائق نتيجة الملل، ونقص أشكال الترفيه الأخرى.
    • جلب الانتباه، يمكن أن يكون إشعال الحرائق طريقة هؤلاء المراهقين في جذب انتباه الوالدين، أو السلطات الأخرى.
    • ضعف المهارات الاجتماعية، يمكن وصف العديد من الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة بتهمة إشعال الحرائق بأنهم منعزلون، ولا يملكون العديد من الصداقات القوية.
    • الافتقار إلى مهارات السلامة من الحرائق، أو الجهل حول المخاطر المرتبطة بإشعال الحرائق.
  • العوامل البيئية، يمكن أن تتضمن العوامل البيئية المرتبطة بهوس إشعال الحرائق لدى المراهقين ما يأتي:
    • إهمال ونقص الإشراف من جانب الوالدين، وغيرهم من البالغين المسؤولين عن رعاية الأطفال.
    • التعلم المبكر من مشاهدة البالغين يستخدمون النار بإهمال، أو بطريقة غير مرغوب فيها.
    • عدم التدخل العاطفي للوالدين في الوقت المناسب.
    • علم النفس المرضي للوالدين، إذ عادةً ما يتعرض الأشخاص المصابين بهوس إشعال الحرائق للاستغلال الجسدي، أو الجنسي، بمعدل أعلى من الأطفال الآخرين، كما يعد هؤلاء الأطفال أكثر احتمالًا بأنّهم قد شاهدوا والديهم يتعاطون المخدرات، أو يتصرفون بطريقة عنيفة.
    • الضغط الفردي، يمكن أن يلعب الضغط النفسي دورًا في تطوير هوس إشعال الحرائق؛ إذ يعد وجود أصدقاء يدخنون، أو يلعبون بالنار أحد عوامل الخطر المؤدية إلى ممارسة الطفل هذه التصرفات الغير مسؤولة.
    • أحداث الحياة المجهدة، يمكن أن يستخدم بعض الأطفال والمراهقين إشعال الحرائق كوسيلة للتخفيف عنهم والتعامل مع الأزمات في حياتهم، أو نتيجةً لضعف الدعم الأسري خلال هذه الأزمات.

ما هي أعراض هوس إشعال الحرائق؟

يصنف الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية هوس إشعال الحرائق في قسم الاضطرابات التخريبية، والسيطرة على الانفعالات، واضطرابات السلوك، وتكمن السمة الرئيسة في هذا الاضطراب؛ إشعال الحرائق عمدًا وبهدف في العديد من المرات.

بالإضافة إلى ذلك؛ إنّ الأشخاص المصابين بهوس إشعال الحرائق يُعانون من التوتر والانفعال العاطفي قبل إشعال الحرائق، ويمكن أن تتضمن أعراضهم الأخرى ما يأتي:

  • الانبهار الشديد بالنار، وعادةً ما يتضمن الاهتمام، والفضول، والانجذاب نحو النار، وأدوات إشعالها.
  • مراقبة الحرائق في الحي، أو إطلاق الإنذارات الكاذبة، أو الاستمتاع بوجود حريقة في مؤسسات، والمعدات معينة.
  • قضاء بعض الوقت في مراكز إطفاء الحرائق، أو إشعال الحرائق بهدف جلب الإطفاء، أو أن يصبح الشخص رجل إطفاء في المستقبل.
  • الشعور بالمتعة، والراحة عند نشوب حريق، ومشاهدة آثاره.

ولا يشعل الأشخاص المصابون بهوس إشعال الحرائق النار بهدف الكسب المادي، كما أنهم لا يحاولون إخفاء النشاط الجرمي، أو الانتقام من أحد، أو تحسين وضعهم المعيشي، كما لا يمكن أن تكون هذه الأعراض استجابة للأوهام، أو الهلوسة، كما لا يمكن أن يشعل المصاب الحريق نتيجة ضعف في تحكمه في نفسه، مثل الإعاقة الذهنية.

لن يشخص الطبيب النفسي المصاب أيضًا بهذا الاضطراب إذا فسر السلوك بصورة أفضل من خلال مرض عقلي آخر، مثل؛ اضطراب السلوك، أو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أو إذا حدث هذا الأمر أثناء نوبة هوس، ويمكن أن يعد الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إعدادات كبيرة ومسبقة لإشعال الحرائق، كما أنهم لا يحملون أي نوع من المسؤولية حول أي ضرر جسدي أو مادي يُمكن أن يُصيب الآخرين نتيجة هذه الحرائق، بل على العكس يمكن أن يستمتعوا بالدمار الناتج عن هذه الحرائق.

ما هي طرق تشخيص هوس إشعال الحرائق؟

نادرًا ما يشخص الطبيب النفسي الشخص بهوس إشعال الحرائق، وذلك نتيجة المعايير الصارمة جدًا المذكورة سابقًا، كما أن المصاب بهذا الاضطراب يحتاج لطلب المساعدة بنفسه، وهذا الأمر نادرًا ما يحدث.

يمكن أيضًا للطبيب النفسي أن يكتشف إصابة الشخص بهذا الاضطراب عند طلبه الرعاية لحالة مختلفة، مثل؛ اضطرابات المزاج كالاكتئاب، وأثناء علاج الحالة الأخرى يمكن أن يبحث الطبيب عن معلومات حول السيرة المرضية للشخص، أو الأعراض التي يعاني منها، ثم باستطاعته أن يجري المزيد من التقييم لمعرفة ما إذا كان الشخص يناسب أعراض تشخيص هوس إشعال الحرائق أم لا، وإذا اتهمت الشرطة شخص ما بالحرق العمد، فيمكن أن يقيمه الطبيب النفسي، بهدف التأكد من عدم إصابته بهذا الاضطراب، وذلك اعتمادًا على أسباب إشعاله للحريق.

ما هو علاج هوس إشعال الحرائق؟

يعد علاج حالة هوس إشعال الحرائق أمرًا ضروريًا جدًا، وذلك بهدف تجنب حدوث أي تلف في الممتلكات، أو السجن، أو حتى الموت، وتكمن الطريقة الأساسية لعلاج هذا الاضطراب باستخدام العلاج المعرفي السلوكي، الذي يعتمد على تعليم الشخص الاعتراف بمشاعر التوتر، التي يمكن أن تؤدي إلى إشعال الحرائق، وإيجاد حلول أكثر أمانًا لإزالة هذا التوتر.

يُمكن لأفراد الأسرة المهوسون بالحرائق أن يستفيدوا من الاستشارة العائلية أيضًا، للحفاظ على صحتهم وسلامتهم، وعلى الرغم من استخدام أكثر من علاج دوائي لهذه الحالة، إلا أن العلاج السلوكي المعرفي يبقى العلاج الأكثر فعالية.

السابق
ما المقصود بالذكاء العاطفي؟
التالي
ما هو اضطراب الشخصية الفُصامية؟

اترك تعليقاً