صحة عامة

لماذا لا أستطيع البكاء؟

لماذا لا أستطيع البكاء؟

البكاء

هل صدف وأن حدث معك سابقًا أنّك رغبت بالبكاء لكن لم تستطع أن تذرف دمعةً واحدةً؟ أو أنّ الحزن يقتلك ورغم ذلك لم تستطع أن تعبّر عنه؟ قد لا تتمكّن من البكاء حتّى عند مواجهتك لأصعب الظروف من حولك، وهنا يأتي السؤال لماذا؟

عدم القدرة على البكاء

من الصعب أن ينفذ الجسم من الدموع حتّى بعد جلسات طويلة من البكاء، ووفقًا للأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ العيون تُنتج العين حوالي 15-30 غالونًا من الدّموع سنويًّا، وهو القدر الكافي للحفاظ على رطوبة العين وحمايتها من الموادّ الضارّة؛ إذ يجب أن تبقى العين رطبةً باستمرار حتّى تعمل بطريقة صحيحة، لذا فإنّ الغدد الدمعيّة في حالة تأهّب كامل في كل الأوقات.

مع ذلك قد تتأثّر القنوات الدمعيّة وتقلّ قدرتها على إفراز الدموع، كما في حالات تقدّم السنّ، أو بعد عمليّات جراحة العيون، أو الحالات الطبيّة الأخرى، وأثبتت الدّراسات أنّ بعض التهابات الجسم وبعض الأدوية مثل مضادّات الاكتئاب ووسائل منع الحمل الهرمونيّة واضطرابات الجفن ومرض السكّري تعيق إفراز الدّموع، وتسبّب جفاف العين على المدى الطويل.

لماذا لا أستطيع البكاء؟

يوجد العديد من الحالات الطبيّة والمَرَضيّة التي قد تؤثّر في القدرة على إنتاج الدموع، منها ما يأتي:

  • التهاب القرنيّة والملتحمة: يطلق على هذه الحالة متلازمة العين الجافّة، وعادةً ما ترتبط بالحالات الآتية:
    • الحمل أو التغيّرات الهرمونيّة المرتبطة بانقطاع الطّمث؛ إذ إنّ جفاف العين شائع إلى حدٍّ ما في مرحلة البلوغ.
    • السكّري.
    • مشكلات الغدّة الدّرقيّة.
    • التهاب المفاصل الروماتيدي.
    • استخدام العدسات اللاصقة باستمرار.
    • التهابات الجفن واضطراباته.
  • متلازمة شغوغرن: هي أحد أمراض اضطراب المناعة الذاتيّة التي تتطوّر في الغالب نتيجة عدوى فيروسيّة أو بكتيريّة، وغالبًا ما تصيب النّساء فوق سنّ الأربعين، وتحفّز هذه المتلازمة خلايا الدمّ البيضاء لمهاجمة الغدد المسؤولة عن توفير الرطوبة في أجهزة الجسم المختلفة، مثل: القنوات الدمعيّة، والأغشية المخاطيّة، مما يسبّب جفاف الفم والعين.
  • العوامل البيئيّة: إنّ العيش في بيئة ذات مناخ حارّ وجافّ أو مناخ عاصف يسبب جفاف العين، وذلك يسبّب تبخّر الدموع بسرعة، وقد يحدث هذا أيضًا بسبب دخّان الحرائق في الغابات أو غيرها.
  • الأدوية: قد تسبّب بعض الأدوية جفاف العين وانخفاض إفراز الدموع، مثل:
    • حبوب منع الحمل، خاصّةً عند استخدام العدسات اللاصقة.
    • مثبّطات امتصاص السيروتونين الانتقائيّة المستخدمة في علاج الاكتئاب.
    • مضادّات الهيستامين ومزيلات الاحتقان.
    • أدوية ضغط الدم.
  • الليزك: يمكن أن تؤثر عمليّة الليزك للعيون في إنتاج الدموع، وهذا أمر شائع بين المرضى.
  • الاكتئاب: تختلف أعراض الاكتئاب في حدّتها، ويختلف الاكتئاب أيضًا في أنواعه، ويمتاز نوع الاكتئاب المسمّى (Melancholic depression) بحدّة أعراضه، مثل: سطحية المشاعر، واليأس، وعدم الاكتراث بأي شيء يحدث، وندرة التفاعل مع الأحداث، والتفكير بالانتحار، ويعد البكاء تحدّيًا صعبًا لهؤلاء المرضى، فيشعرون بالحزن من الداخل لكن لا يستطيعون وصفه.

كيف يمكنني البكاء؟

تتضمّن الطرق التي قد تساعد على البكاء ما يأتي:

  • تذكُّر جزء صعب من الماضي: قد تكون هذه الطّريقة الأكثر إيلامًا إلّا أنّها فعّالة للغاية، مثل: تذكّر وفاة أحد الأقارب، أو مأساة سابقة، أو انفصال مؤلم عن شخص عزيز، وما إلى ذلك، إذ يساعد ذلك على البكاء وتفريغ الحزن المكبوت، الذي من شأنه أن يحسّن الصحّة العقليّة والنفسيّة.
  • الاستماع لموسيقى حزينة أو مشاهدة فيلم دراميّ حزين: تؤثّر الموسيقى في الفرد بنسبة كبيرة، وتساعد في التخلّص من مشاعر الغضب والحزن، وتعدّ الموسيقى في بعض الحضارات أداةً لتطهير الرّوح وطرد الأفكار السامّة من الجسم، وإن لم يكن الشخص يستمع للموسيقى فيمكن استبدالها بمشاهدة فيلم حزين يعرض مأساة شخص ما، أو الأحداث المعيّنة الحزينة.
  • التأمّل وممارسة اليوغا: تساعد اليوغا على تصفية الذهن وإراحة الجسد المرهق، ممّا يساعد في الوصول إلى سبب الحزن واليأس ومعالجته.

ما هي أضرار البكاء؟

فيما يأتي أبرز أضرار البكاء المتكرّر:

  • قد يكون ضارًّا نفسيًّا على المدى البعيد.
  • قد يتمثّل بحدوث نوبات متكرّرة.
  • قد يكون مؤذيًا للآخرين.
  • أحيانًا لا يساعد في التعامل مع المشكلة الأساسيّة.
  • يرفع ضغط الدمّ.
  • يقلل من جاذبيّة الشخص.
  • قد يكون ضارًا للدماغ، خاصّةً عند الأطفال.
  • قد يُضعف شخصية الفرد، خاصّةً عند البكاء أمام النّاس.
  • يؤثّر في العلاقات مع الآخرين.
  • يسبب الاكتئاب.
  • يزيد من الأنين والشعور بالقهر.
  • قد يعرّض الشخص للسخرية.
  • قد يسبّب إجهاد ما بعد البكاء تلفًا في الترابط العصبيّ في الدّماغ.

ما هو الاكتئاب الكئيب؟

يطلق على هذا النوع من الاكتئاب (melancholic depression)، وهو أحد أشكال الاضطراب الذي يمتاز بالاكتئاب الحادّ، إذ استخدم الإغريق كلمة (melancholia) في علم النّفس في القرن الخامس قبل الميلاد لوصف شعور الحزن الشديد واليأس، وتعني تحديدًا العصارة السّوداء، ويعدّ هذا النوع خطيرًا جدًّا على المريض؛ إذ يفقد فيه الاهتمام بجميع أنشطته اليوميّة تقريبًا، ويسيطر عليه الشّعور بالخوف والأرق وفقدان الشهيّة.

ما هي أعراض الاكتئاب الكئيب؟

تتشابه أعراض هذا المرض مع الأعراض العامّة للاكتئاب بصورة عامّة، لكنّها عادةً ما تكون أكثر حدّةً، إذ يكون المصاب بطيئًا في حركته وكلامه وأفكاره، ومن أهمّ الأعراض الظاهرة ما يأتي:

  • أن تكون مشاعر الشخص فارغةً تمامًا؛ فلا يشعر بالسعادة أو لا يرغب بالبكاء.
  • يكون الاكتئاب في أسوأ حالاته عند الصّباح.
  • فقدان الشهيّة، وفقدان الوزن.
  • الأرق.
  • الاستيقاظ باكرًا؛ أي قبل ساعتين على الأقل من موعد الاستيقاظ المعتاد.
  • صعوبة في التركيز والقدرة على التذكّر.
  • الشعور المفرط باليأس والذنب.
  • التفكير في الانتحار.
  • تغيّر الحركة، كتباطؤ حركات الجسم العاديّة، أو الهيجان، أو تطوّر حركات غير منتظمة في الجسم.

ما هو علاج الاكتئاب الكئيب؟

عادةً ما يتطلّب علاج هذا النوع من الاكتئاب التدخّل الدّوائي؛ كونه في النّهاية مرضًا فسيولوجيًّا، وبما أنّ أسبابه في الغالب ليست مكتسبةً من البيئة المحيطة وإنّما ناتجة من تغيّر في وظيفة الدّماغ فلا بدّ حينها من معالجة هذا التغيّر بالأدوية، من أهمّها ما يأتي:

  • مثبطّات امتصاص السيروتونين الانتقائيّة (SSRIs): تعمل عن طريق تغيير طريقة عمل النّاقل العصبيّ (السيروتونين) في الدّماغ لتحسين المزاج إلى الأفضل.
  • مثبّطات امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs): تؤثّر هذه المثبّطات في طريقة عمل السيروتونين والنورأدرينالين في الدّماغ؛ فتمنع امتصاصهما وتزيد مدّة بقائهما في الجسم لتعديل المزاج.
  • مضادّات الاكتئاب غير النّمطيّة: تؤثّر هذه الأدوية في كيمياء الدّماغ.
  • مضادّات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقة (TCAs): هي من مضادّات الاكتئاب من الجيل الأوّل، وقد تسبّب ظهور أعراض جانبيّة أكثر من غيرها.
  • مثبّطات أجادي أمينو أوكسيديز (MAOIs): هي من مضادّات الاكتئاب القديمة نوعًا ما، إلّا أنّها قد تكون الخيار الأوّل والأنسب للبعض.

وقد يوصي الأطبّاء في بعض الحالات بعلاج الصدمات الكهربائيّة عند فشل العلاج بالأدوية، وللأسف قد يعود هذا الاكتئاب مرّةً أخرى بعد علاجه، ويمكن لبعض السلوكيّات أن تساهم في في تحسين المزاج، مثل:

  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • قضاء وقت أكثر مع الأهل والأصدقاء.
  • اتّباع نظام غذائيّ صحّي.
  • اتّباع نظام نوم ثابت.

قد تبدو هذه الأمور صعبةً في البداية، لكن سرعان ما يسهل تطبيقها عند بدء مفعول الأدوية.

السابق
تعرف على مرض اضطراب الشخصية الحدية
التالي
ما أسباب اضطراب قلق المرض؟

اترك تعليقاً