صحة عامة

تعرف على مرض اضطراب الشخصية الحدية

تعرف على مرض اضطراب الشخصية الحدية

اضطراب الشخصية الحدية

قد لا يُشير اسم اضطراب الشخصيّة الحديّة (Borderline Personality Disorder) إلى ماهيّته الحقيقيّة، وصعوبة ما يُعايشه المُصابون فيه بالفعل، فهو من الاضطرابات العقلية المؤثرة في كيفية شعور الشخص بنفسه وبالآخرين، بالإضافة إلى اضطرابات في السيطرة على المشاعر والسلوك، فعلى الرّغم من أنّ نسبة انتشاره لا تتعدّى 2% بين أفراد المُجتمع، لكنّ المصابين به يُشكّلون ما نسبته 20% من مرتادي المُستشفيات العقليّة. وتحتلّ النساء نسبة 75% من مجمَل الإصابات الكلّي، إذ يُعدّ هذا الاضطراب من الحالات المزمنة التي تتسبّب في عدم الاتّزان والاستقرار في الحالة المزاجيّة، واضطرابات في السلوكيّات والعلاقات الاجتماعيّة، واختلال نظرة المصاب إلى ذاته، الأمر الذي يتعارَض مع ممارسة الأعمال اليوميّة، والعيش الطبيعيّ السليم، وتشيع التصرفات المؤذية والانتحاريّة بين المصابين باضطراب الشخصية الحدية. ومع ذلك فإنّ السيطرة على أعراضه والوصول إلى حالة الاستقرار متاحان للغاية ببعض المساعدة والإشراف الطبيّ المناسب.

أعراض اضطراب الشخصية الحدية

قُسّمت الأعراض التي يعاني منها مصابو اضطراب الشخصيّة الحديّة 9 أقسام، ولتشخيص الإصابة يجب أن تظهر على الأقل خمسة عوارض منها على الأقل، وهي الآتي:

  • شعور المصاب بالخوف والهلع من فكرة التخلّي، أو أن يهجره أحدٌ ممّن يهتم بأمره، وقد يسبّب ذلك تتبّعه الدائم لتحرّكاته، وخوفه الشديد في حال تأخّره عن موعد معه، أو حتّى منعه من المغادرة والابتعاد بالوسائل كلها، وهو ما يُضيّق الخناق في الحقيقة على مُعظم العلاقات الاجتماعيّة، ويزيد من فرصة ابتعاد الأحبّاء بالفعل.
  • العلاقات الاجتماعيّة والعاطفيّة غير المستقرّة، ففي مرحلة ما قد يشعر المصاب بالحبّ الجمّ تجاه أحد أفراد عائلته أو أصدقائه، لكنّ هذه المشاعر سريعًا ما تزول لتحلّ محلّها مشاعر مُغايرة تمامًا قد تصل إلى حدّ الكُره أو الحقد.
  • ارتباك صورة المُصاب حول ذاته، إذ قد يشعر بالرّضى والسعادة تجاه نفسه وماهيّته، وفي لحظات أخرى قد يعتريه شعور آخر بكره ذاته وكُره ما هو عليه، أو الظنّ بالسوء بنفسه، مما يدفعه لتغيير أهدافه ومُعتقداته ودينه أو حتّى هويّته الجنسيّة بشكل متكرِّر.
  • تصرّفات عدائيّة ومُخرّبة ومُتهوّرة في كثير من الأحيان؛ كالقيادة بسرعة مُخيفة، أو إنفاق كميات غير معقولة من الأموال في غير مكانها، أو الأكل بشراهة مُفرطة، أو في تعاطي المُخدّرات والكحول.
  • إيذاء الذات، ذلك بتنفيذ تصرفات مختلفة تهدف جميعها إلى إلحاق الأذيّة بالنفس؛ كالحرق، أو جرح الجسم، أو أيّ تصرّفات انتحاريّة، ويُعدّ إيذاء الذات من الأعراض الشائعة للغاية لدى المصابين باضطراب الشخصيّة الحديّة.
  • تقلّبات مزاجية وعاطفيّة مُفرطة، التي تختلف عن تلك المُلازمة لمُصابي الاكتئاب أو ثُنائيّ القطب في أنّ التقلّبات سريعة نوعًا ما، فقد يستغرق بضع دقائق أو ساعات فقط للانتقال ما بين قمّة السعادة إلى الحُزن الشديد.
  • شعور مزمن بالفراغ، وانعدام الهويّة، إذ يشعر المُصاب وكأنّ لا وجود له، وأنّه لا يعني أيّ شيء في الحياة، مما يدفعه لملء الفراغ هذا بالطّعام، أو العلاقات الجنسيّة، أو تعاطي الممنوعات، ومع ذلك لا شيء يُشعره بالامتلاء.
  • الشعور بالغضب العارم تجاه الآخرين أو الظروف أو تجاه النفس ذاتها في كثير من الأحيان، وصعوبة السيطرة عليه أو على ما يجرّه معه من أفعال؛ كرمي الأشياء، والصّراخ.
  • الشكّ المُفرط أو انفصال المُصاب عن الواقع المُحيط فيه، فيعاني المصابون من جنون العظمة أحيانًا أو من الشك الزائد في دوافع الآخرين، ويُشبّهها بعضهم وكأنّما يخرج الفرد من جسده وعالمه، خاصّة عند الشعور بالتوتّر والضغط، وتُسمّى هذه الحالة في علم النّفس بالتفارُق.

أسباب اضطراب الشخصية الحدية

قد يبدو للظروف التي تعرّض لها المُصاب أثناء طفولته دور كبير في الإصابة باضطراب الشخصيّة الحديّة؛ كسوء المعاملة، أو الإهمال، لكنّ السبب الأساسيّ وراء الإصابة فيه ما زال غير مُحدّد بالضبط، ويُرجّح أن يبدو للعوامل الآتية دور في الإصابة نوعًا ما؛ وهي:

  • العامل الجينيّ، إذ تزداد احتماليّة الإصابة لدى الأفراد ممّن لديهم تاريخ عائليّ للإصابة بأحد اضطرابات الشخصيّة، وغيرها من الأمراض النفسيّة.
  • اضطرابات في وظائف الدّماغ، إذ لوحظَ وجود بعض التغييرات عند الأشخاص المُصابين باضطراب الشخصية الحدية في أجزاء الدماغ المسؤولة عن السيطرة على العواطف، والعنف، والاندفاعيّة، بالإضافة إلى خلل عمل بعض المواد الكيميائيّة فيه؛ كالسيروتونين، المسؤول عن تنظيم المزاج والتحكّم به.

وفي الحقيقة ربما تتزامن الإصابة باضطراب الشخصيّة الحديّة لدى من يعانون من اضطرابات أخرى؛ مثل:

  • اضطرابات القلق.
  • اضطرابات الأكل.
  • الاكتئاب.
  • اضطراب ثُنائيّ القُطب.
  • الإدمان.

تشخيص اضطراب الشخصية الحدية

حتّى يُشخّص الفرد بإصابته باضطراب الشخصيّة الحديّة؛ فيجب أن تتطابق الأعراض لديه مع 5 أقسام على الأقل من الأعراض المذكورة سابقًا للاضطراب، وتجدر الإشارة إلى أنّ مرحلة التشخيص تكون للبالغين في الغالبية العظمى من الحالات، حيث إصابة الأطفال أو اليافعين باضطراب الشخصيّة الحديّة يُرجّح زواله بمُجرّد تقدّم أعمارهم بعض الشيء، وتقتضي آلية التشخيص بكلٍّ ممّا يأتي:

  • جلسة أو مُقابلة مُفصّلة مع الطبيب أو المُعالِج النفسيّ، إذ إنّه الأقدر والأكثر كفاءًة على تشخيص مثل هذه الاضطرابات.
  • تقييم نفسيّ، يتضمّن مجموعة من الأسئلة والبيانات المطلوبة.
  • أخذ التاريخ الطبيّ والمرضيّ الكامل للمُصاب، وفحصه إن استلزم الأمر.
  • مناقشة العلامات التي يعاني منها المصاب مع طبيبه المسؤول.

علاج اضطراب الشخصية الحدية

بمُجرّد تشخيص الاضطراب تبدأ مرحلة العلاج، والتي تعتمد على عدّة نواحٍ وجوانب يستعين بها الطبيب النفسيّ في السيطرة على أعراض المرض وتجنّب تدهور حالة المُصاب قدر الإمكان، وتتضمّن خيارات العلاج كلًّا ممّا يأتي:

  • جلسات العلاج النفسيّ: هي الخيار الأول المُستخدم في العلاج، وله عدّة وسائل؛ كـالعلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، والعلاج السلوكيّ الجدَليّ (DBT)، والعلاج القائم على العقلانيّة (MBT)، بالإضافة إلى العلاج النفسيّ الديناميكيّ.
  • العلاج الدوائيّ، الذي يستهدف علامات مُعيّنة بحدّ ذاتها؛ إذ توصف مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج للسيطرة على أعراض الاكتئاب أو التقلّبات المزاجيّة لدى المُصاب، وربما توصف مضادات الذّهان في حال كان المصاب يعاني من اضطرابات في التفكير.
  • مجموعات الدّعم والمساندة.
  • دعم العائلة والأصدقاء؛ لمساعدة المصاب في تخطّي أعراض المرض والسيطرة عليه.

مضاعفات اضطراب الشخصية الحدية

في حال لم يُشخّص اضطراب الشخصيّة الحديّة، ولم يُعالج كما ينبغي، فإنّه -كغيره من الأمراض النفسيّة أو الجسديّة- قد يبدو سببًا في حدوث الكثير من المُضاعفات، والتي تتضمّن الآتي:

  • حدوث مشكلات في العلاقات الشخصيّة والاجتماعيّة.
  • إكمال الدراسة كما هو مُخطّط لها.
  • ظهوره سببًا في فقد المصاب لوظيفته، وعدم قدرته على الالتزام بأعماله كما يجب.
  • الحاجة إلى العناية الطبيّة ودخول المُستشفى، في حال آذى المصاب نفسه، أو أقدم على أيّ تصرّفات انتحاريّة.
  • الانخراط في أعمال وتصرفات متهوّرة وخطيرة، قد تبدو سببًا في أذيّة النفس والآخرين من حول المُصاب.
  • احتمال الإصابة بالأمراض المُنتقلة جنسيًّا نتيجة الإقدام على علاقات جنسيّة دون تفكير.
  • ارتفاع فرصة الإصابة بأمراض واضطرابات أخرى؛ كأمراض القلب، واضطرابات القلق، واضطرابات المزاج، أو اضطرابات التحكّم بالاندفاع.
السابق
5 طرق لإدخال المرح لحياتك
التالي
لماذا لا أستطيع البكاء؟

اترك تعليقاً