صحة عامة

افضل علاج سلوكي للوسواس القهري

افضل علاج سلوكي للوسواس القهري

الوسواس القهري

الوسواس القهري هو نوع من أمراض القلق التي تسبّب للشّخص المصاب التّفكير بأفكار وهواجس تدفعه للتفكير بها باستمرار، ممّا يؤدي إلى ممارسة بعض السّلوكيات المتكرّرة، مثل: غسل الأيدي، أو التحقّق من الأشياء، أو التنظيف، وقد تتداخل هذه السلوكات بصورة كبيرة مع الأنشطة اليومية للشّخص والتّفاعلات الاجتماعية.

على الرغم من أنّ الكثير من الأشخاص تراودهم أفكار متكرّرة حول أمر ما، إلّا أنّ هذه الأفكار عادةً لا تؤثّر سلبًا على حياتهم، بل على العكس من الممكن أن تزيد من من قدرتهم على ممارسة الأنشطة اليومية، إلّا أنّه عند الأشخاص المصابين بالوسواس القهري تكون هذه الأفكار والسلوكيات مستمرّةً وغير مرغوبة، وفي حال عدم إجرائها فإنّ هذا قد يسبّب القلق والضّيق الشّديد للمريض، ممّا يؤثّر على الحياة والقدرة على ممارسة المهام اليومية.

أفضل علاج سلوكي للوسواس القهري

يُعدّ العلاج السّلوكي المعرفي الخيار العلاجي الأفضل لمرض الوسواس القهري، ويُستخدم العلاج السلوكي بنجاح في شكل علاج للعديد من المشكلات النّفسية؛ بما في ذلك الوسواس القهري ومشكلات القلق الأخرى؛ مثل: الهلع، واضطراب ما بعد الصّدمة، والرّهاب الاجتماعي، وهو شكل من العلاج النفسي الكلامي، لكن على عكس العلاجات الكلامية الأخرى فهو أكثر تنظيمًا وتخصيصًا حول الأفراد.

ويتضمّن العلاج السّلوكي للوسواس القهري على نوعين من العلاج، وهما ما يأتي:

التعرّض ومنع الاستجابة

خلال العلاج بالتعرّض ومنع الاستجابة يُجري اختصاصي الصّحة النفسية في العلاج المعرفي السّلوكي سلسلة من جلسات التعرّض وعدم الاستجابة المتحكّم بها مع المريض الذي يعاني من الوسواس القهري، وخلال هذه الجلسات يُعرّض المعالج الشخص تدريجيًا للمواقف التي تؤدّي إلى هواجسه ووسواسه، ومع مرور الوقت يتعلّم الشّخص الاستجابة بصورة مختلفة لهذه الوسواس، ممّا يؤدّي إلى انخفاض وتيرة الإكراه وشدّة هذه الهواجس.

غالبًا ما تصبح أعراض الوسواس القهري خفيفة إلى درجة أنّه من السّهل تجاهلها، وفي بعض الأحيان قد تختفي، وتتمثل الخطوة الأولى في هذا العلاج بأن يقدّم الشّخص المصاب بالوسواس القهري إلى المعالج وصفًا دقيقًا لهواجسه ووسواسه، ثم تُصنّف بعد ذلك من الأقلّ صعوبةً إلى الأكثر صعوبة، ثمّ يبدأ من أسهل الأعراض، إذ يصمّم المعالج التعرّض لبعض التحديات التي تضع الفرد في المواقف التي تؤدّي إلى هواجسه، وخلال هذه التعرّضات يجب على الشخص تجنُّب السّلوكيات القهرية لأوقات زمنية أطول، وهذا الذي يُعرَف باسم عدم الاستجابة، ومن خلال التعرّض المتكرّر، وقد يدرك الشّخص الذي يعاني من الوسواس القهري أنّه عندما يتجنّب ممارسة وسواسه فإنّ قلقه يزداد مؤقتًا، ويصل إلى أقصى حدّ ثمّ يتناقص.

في الحالات التي يبدو فيها من الصعب خلق الموقف الفعلي الذي يؤدّي إلى السلوك القهري يستخدم المعالجون التصوّرات والتسجيلات التي تزيد من مستويات القلق لتطبيق هذا العلاج، وعندما تتكرّر حالات التعرّض العلاجي بمرور الوقت، فإنّ ذلك يؤدّي إلى أن يصبح ​​القلق المصاحب للحالة غير ملحوظ أو أن يتلاشى تمامًا، ثمّ بعد ذلك يوضع المريض في تحدٍّ جديد من خلال المزيد من التعرّض لأن يصبح قادرًا على السّيطرة على تصرفاته.

يؤدّي العلاج الفعّال إلى التعوّد، مما يعني أنّ الأشخاص يعتادون أنّه لا يوجد شيء سيء سيحدث عندما يتوقّفون عن تلبية هواجسهم، على سبيل المثال، إذا كان الشخص يعاني من هواجس من الجراثيم فقد يشجّعه اختصاصي النّفسية على لمس الجزء العلوي من المكتب الذي يعتقد أنّه ملوّث، ثمّ ينتظر مدة أطول من الوقت لغسل اليدين، ومع مرور الوقت يساعد هذا التعرّض التدريجي والاستجابة المتأخّرة في تعلّم الاستجابة بصورة مختلفة للخوف والهواجس حول الجراثيم، التي بدورها ستؤدّي في الواقع إلى انخفاض وتيرة الهواجس وشدّتها.

العلاج المعرفي

هو أسلوب ثانٍ من العلاج السلوكي لعلاج الوسواس القهري يساعد الشخص في تحديد أنماط التّفكير التي تسبّب القلق أو الضيق أو السّلوك السّلبي وتعديلها، وباستخدام العلاج المعرفي قد يُطلَب من المريض تحديد أفكاره، وسيجري تعليمه بديلًا أكثر ملاءمةً لطريقة تفكيره الحالية؛ مثل: التحدّث عن النّفس، وتعلّم فصل نفسه عن هذا الاضطراب، وتحليل الفرص أو الاحتمالات الواقعية لحدوث كارثة، ويُجرى معظم العلاج المعرفي السلوكي في العيادات الخارجية مرّةً واحدةً في الأسبوع، ومن خلال الواجب المنزلي الذي يتكوّن من التعرّض اليومي، ويجب الانتهاء منه بين جلسات العلاج.

في الحالات الشديدة قد يحتاج بعض الأشخاص إلى جلسات أكثر تكرارًا، أو حتّى العلاج خلال الإقامة في مراكز الرّعاية النفسية، وقد يبدو هذا العلاج غير مألوف، وربما يعتقد بعضهم أنّه لن ينجح، أو ربّما يحاول بعض المرضى مقاومة الدّوافع دون نجاح كبير، لكن مع العلاج الصحيح والوقت والدّعم الكافيين قد ساعد العلاج المعرفي آلاف الأشخاص في السيطرة على الوسواس القهري، وفي الواقع تُظهر بعض الدّراسات أنّ أكثر من 85% من الأشخاص الذين يكملون دورة العلاج المعرفي يعانون من انخفاض كبير في أعراض الوسواس القهري.

العلاج الدوائي

رغم فاعلية العلاج السلوكي المعرفي في تخليص الكثيرين من الوسواس القهري، غير أنّ بعض المرضى يحتاجون إلى علاجات دوائية إلى جانب العلاجات النفسية؛ وهم المرضى أصحاب الحالات الصعبة والمتقدمة من الوسواس القهري، ومن الأدوية التي يصفها الطب النفسي للوسواس القهري (SSRIs)، وهي أدوية انتقائية مثبّطة لامتصاص السيروتونين (مادة كيميائية في الدماغ تعطي شعورًا بالسعادة)، بالتالي ترفع مستواه في الجسم، مما يُقلّل من أعراض الوسواس المزعجة، وتظهر نتائج العلاج الدوائي بعد 12 أسبوعًا من الاستخدام، وبشكل عام لا تقلّ مدة العلاج الدوائي عن السنة للحصول على نتائج مُرضِيَة، وحتى في حال تحسّن صحة المريض قبل السنة لا بُدّ من متابعة تناول الدواء، وعدم التوقف دون استشارة الطبيب؛ لأنّ التوقف يقلب الوضع إلى الأشد، ويؤدي إلى ظهور أعراض جانبية غير مرغوبة؛ كالإسهال، والدوار، وقلّة النوم، وانخفاض الرغبة الجنسية.

المساعدة الذاتية والتحفيز المغناطيسي

بعض مرضى الوسواس القهري لا يستجيبون للعلاج النفسي السلوكي ولا العلاج الدوائي، ويحتاجون إلى علاج يستهدف دارات محددة في دماغهم للحد من أعراض الوسواس؛ ذلك بالتحفيز المغناطيسي عن طريق الجمجمة، وهو علاج بديل من الأدوية وفعّال في تخفيف أعراض الوسواس بشكل ملحوظ، أمّا العلاج بالمساعدة الذاتية فهو ذاتي يعتمد فيه المريض على نفسه فقط، إذ يُقلّل المريض من أسباب وصوله إلى الوسواس؛ كالإجهاد، والتعب، والتوتر، ويجرى هذا عن طريق تمارين الاسترخاء، واليوغا، وممارسة الرياضة، وهذا كلّه يدعم الصحتَين النفسية والجسدية، ويحسّن من حالة المريض.

أعراض الوسواس القهري

يبدأ الوسواس القهري في سنَّ البلوغ، وتبدأ أعراضه بالتدريج، وتميل إلى التباين في شدتها طوال الحياة، وقد تزداد الأعراض شدّة بشكل عام عندما يعاني المريض من ضغط أكبر، وتتمحور أعراض الوسواس القهري حول الهواجس والأفكار الإجبارية التي تتحكم بأفعال المريض، وتُسبب الضيق في حال حاول المريض تجنبها وعدم فعلها وتؤدي إلى القلق، ومن أهم الأعراض لاضطراب الوسواس القهري:

  • أعراض الهوس، تتكرّر هواجس الوسواس القهري والأفكار المستمرة غير المرغوب إليها مسببة الضيق أو القلق، فيلجأ المريض إلى التخلص من هذه الحالة إلى سلوك قهري، وغالبًا ما تبدو الهواجس في أحد هذه الموضوعات:
    • الخوف من التلوث أو الأوساخ؛ كالخوف من ملامسة الآخرين والأشياء.
    • الحاجة المستمرة إلى أن تبدو الأشياء كلّها منظمة ومتناظرة.
    • الأفكار العدوانية التي تتعلق بإيذاء النفس أو الآخرين، أو الأفكار المروّعة.
    • التردد والشكوك المستمرة في بعض الأفعال؛ كالشك في إغلاق الباب أو لا.
  • أعراض السلوك القهري، يبدو المريض مجبرًا على تنفيذ بعض الأفعال والسلوكيات التي تهدف إلى تقليل القلق المتعلق بالهوس أو منعه، ومع ذلك، فإنّ تنفيذ هذه الأفعال الإجبارية لا يجلب السعادة، وقد يقدّم راحة مؤقتة من القلق لا أكثر، ومن بعض هذه الأفعال الإجبارية:
    • الغسيل والتنظيف المتكررَان.
    • التدقيق والترتيب.
    • العدّ المستمر.
    • اتباع روتين صارم.

أسباب الوسواس القهري

ما زال السبب الرئيس لاضطراب الوسواس القهري غير مفهوم وغير واضح تمامًا، لكن هناك بعض النظريات التي حاولت تفسير سبب الإصابة بالوسواس القهري، ومنها:

  • الأسباب البيولوجية، قد تحدث الإصابة بالوسواس القهري نتيجة بعض التغييرات في وظائف الجسم الطبيعية؛ كوظائف الدماغ.
  • الوراثة، قد يبدو الوسواس القهري وراثيًا، لكنّ الجينات المسؤولة عنه ما زالت غير معروفة.
  • العوامل البيئية؛ مثل: بعض الالتهابات المحفزة للوسواس القهري.
  • تاريخ العائلة، حيث وجود إصابة بالوسواس القهري لدى أحد الوالدين، أو الإخوة يزيد من خطر الإصابة به.
  • أحداث الحياة المجهدة؛ كالتعرض لبعض الأحداث المؤلمة أو المرهقة؛ مثل: وفاة أحد أفراد العائلة المقرّبين.
  • اضطرابات الصحة العقلية الأخرى؛ مثل: اضطرابات القلق، والاكتئاب، أو تعاطي المخدرات.
السابق
أعراض الفصام
التالي
علاج مرض الذهان

اترك تعليقاً