صحة عامة

الكذب عند الأطفال

الكذب عند الأطفال

الكذب عند الأطفال هو سلوك غير سويٍّ ينتج عنه العديد من المشكلات الاجتماعية، ويعتبر سلوكًا مكتسبًا من جانب البيئة، وقد ينظر الوالدان إلى كذب الطفل على أنه أمر بسيط وطارئ، لكن خبراء علم النفس يؤكدون ضرره البالغ، وخصوصًا حين يكبر الطفل؛ ذلك لأن الكذب بشكل مستمر يجعل منه وسيلة مقنعة وفعالة للطفل، تجلب المنافع وتجنب المتاعب؛ لكن الكذب لدى الصغار يختلف باختلاف غرضه ودوافعه وأنواعه وأساليبه.

مفهوم الكذب عند الأطفال

الكذب هو أن يخبر الطفل عن الأمر بخلاف ما هو عليه في الواقع، أو ينكر ما يعرف أنه واقع وحقيقة، ويكون ذلك إما بتزييف الحقائق جزئياً أو كلياً أو خلق روايات وأحدث جديدة بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين، كأن ينكر الطفل أنه قام بفعل معين أو يكذب من أجل الحصول علي شئ ما، وقد يكون مادياً أو نفسياً أو اجتماعياً وهو عكس الصدق.

ويبدأ الكذب عند الاطفال من سن سنتين إلي ثلاثة سنوات، حيث يولد الطفل صفحة بيضاء ناصعة البياض، يسطر فيها الوالدان السطور الأولى في حياة طفلهما، فإذا عوّد الوالدان ابنهما الكذب، كانت نتيجة هذه التربية في النهاية هي الكذب، والعكس صحيح، إذا عوداه الصدق كانت نتيجة التربية نشأه طفل صالح لا يكذب.

الأسباب الظاهرة لكذب الأطفال

1- اضطراب الحياة الأسريّة وتفكّكها وعدم الشعور بالأمان داخلها.
2- الشعور بالنّقص.
3- التمييز بين الأولاد.
4- ظلم المدرّس للطالب الذي يدفعه للكذب بقصد الخلاص.
5- المدرّس الذي يحدد موعداً للامتحان ثم لا يجريه.
6- تجنّب العقاب.
7- الزهو ولفت الأنظار.
8- الهرب من المسؤولية.
9- الكذب على سبيل اللعب.
10- الكذب خوفاً من العقاب.
11- الحصول على العطف والمحبّة من الكبار.
12- طمع في تحقيق غرض نفسي (مثل: الانتقام والكراهية..)
13- وضع الوالدين أبناءهم في مواقف يضطرون فيها إلى الكذب، فيشعر الطفل أنه أُرغم على الكذب.
14- تقليد الوالدين حين يستمع إلى كذبهم (ويدخل ضمن هذا أيضاً مبالغة الوالدين عند سرد بعض الحكايات مما يسوغ تسميتهم بكاذبين).
15- لجوء الوالدين إلى المبالغة في تنشئة الطفل على الصدق، والتضييق عليه، والإصرار على أن يكون صادقاً 100% مما يؤثّر فيه عكسياً؛ حيث يندفع الطفل إلى الكذب كمحاولة للظهور بالمظهر الذي يطلبه الوالدان

أنواع الكذب عند الأطفال

يبدأ الكذب عادة منذ الطفولة ويترسخ في سلوك الفرد بمرور الوقت، والكذب الذي يصدر من الطفل ليس نمطاً وأحداً، وله تصنيفات عدة، ومن أشهرها تصنيفه على أساس الغرض الذي يدفع الطفل لممارسته وهو كالتالي:

١- الكذب الخيالي:

كأن يتخيل الطفل شيئاً ويحوله إلى حقيقة, فيصور قصة خيالية ليس لها صلة بالواقع، وكثيراً ما نجد قصصاً تتحدث عن بطولات خيالية لأناس لا يمكن أن تكون حقيقية، وغالباً ما يكون هذا النوع لدى المبدعين أو أصحاب الخيال الواسع, وهذا اللون لا يعتبر كذباً حقيقاً، ومن الخطأ اتهامه هنا بالكذب أو معاقبته عليه، ودور الوالدين هنا التوجيه للتفريق بين الخيال والحقيقة بما يتناسب مع نمو الطفل، كما يجب على المربيين تنمية خيال الطفل وحثه على ربط خياله الواسع بالواقع من أجل أن يكون اقرب للتصديق والقبول، لكونه يمثل جانباً إيجابياً في سلوكه، كما أن له أهمية تربوية كبيرة، غير أن الجانب السلبي في الموضوع هو إن هذا النوع يمكن أن يقود صاحبه إلى نوع آخر من الكذب أشد وطأة، وأكثر خطورة إذا لم أن نعطيه الاهتمام اللازم لتشذيبه وتهذيبه.

٢- الكذب الالتباسي:

تختلط الحقيقة بالخيال لدى الطفل فلا يستطيع التفريق بينهما لعدم اكتمال نموه العقلي، أو نتيجة لعدم التعرف أو التأكد من أمر ما، فهو كذب غير متعمد، وإنما حدث عن طريق الالتباس وهذا النوع ليس من الخطورة بمكان، فقد يسمع قصة خرافية فيحكيها على أنها حقيقة ويعدل في أشخاصها وأحداثها حذفاً وإضافة وفق لفهمه، وقد يرى رؤيا فيرويها على أنها حقيقة، فأحد الأطفال رأى في المنام أن أخيه يضربه ويكسر لعبته فيصر على أن الأمر وقع منه، ثم يتبين أن الحقيقة على عكس ما روى لنا الطفل، وهنا يكون دورنا بتنبيه أبنائنا إلى الاهتمام بالدقة وشدة الملاحظة تجنباً للوقوع في الأخطاء.

٣- الكذب الإدعائي:

وهذا النوع من الكذب يهدف إلى محاولة تعظيم الذات وإظهارها بمظهر القوة والتسامي وتغطية الشعور بالنقص أو الحرمان، ويلجأ إليه الطفل لكي ينال الإعجاب ويجذب انتباه الأخرين، وفيها يبالغ بالأشياء الكثيرة التي يملكها، فيحدث الأطفال أنه يملك ألعاباً كثيرة وثمينة، أو يحدثهم عن والده وثروته أو مركزه الوظيفي الكبير، أو عن مسكنهم ويبالغ في وصفه، أو يدعي بطولات ومغامرات لا أساس لها من الصحة، ومن صور الكذب الإدعائي التي تحصل لدى الأطفال كثيراً التظاهر بالمرض عند الذهاب إلى المدرسة.

والذي يدفع الطفل لممارسة الكذب الإدعائي أمران:

  • الأول: المفاخرة والمسايرة لزملائه الذين يحدثونه عن آبائهم أو مساكنهم أو لعبهم.
  • الثاني: استدرار العطف من الوالدين، ويكثر هذا اللون عند من يشعرن بالتفرقة بينهم وبين إخوانهم أو أخواتهم.

وينبغي على الوالدين هنا تفهم الأسباب المؤدية إليه وعلاجها والتركيز على تلبية الحاجات التي فقدها الطفل فألجأته إلى ممارسة هذا النوع من الكذب، دون التركيز على الكذب نفسه، كما يجب عليهم إشعار أبنائهم أنهم إن كانوا اقل من غيرهم في ناحية ما فإنهم أحسن من غيرهم في ناحية أخرى، وعليهم أن يكشفوا عن كل النواحي الطيبة لدى أطفالهم وتنميتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة لكي يمكنوهم من العيش في عالم الواقع بدلاً من العيش في عالم الخيال الذي ينسجونه لأنفسهم، وبذلك يعيدوا لهم ثقتهم بأنفسهم، ويزيلوا عنهم الإحساس بالنقص.

٤- الكذب الغرضي:

ويدعى هذا النوع من الكذب “الكذب الأناني”، وهو يهدف إلى تحقيق هدف يسعى له الطفل للحصول على ما يبتغيه، ويلجأ إليه الطفل حين يشعر بوقوف الأبوين حائلاً دون تحقيق هذا الهدف، فقد يطلب نقوداً لغرض غير الغرض الذي يريد, ومن أمثلة ذلك أن يرغب الطفل بشراء لعبة من اللعب ويرى أن والده لن يوافق على ذلك فيدعي أن المدرسة طلبت منهم مبلغاً من المال فيأخذه من والديه لشراء هذه اللعبة، لذلك يجب على الأهل أن لا يقتروا على أبنائهم فيضطرونهم إلى سلوك هذا السبيل.

٥- الكذب الانتقامي:

وهذا النوع من الكذب غالباً ينشأ عند التفريق وعدم العدل بين الأطفال، سواء في المنزل أو في المدرسة، فقد يعمد الطفل إلى تخريب أو إتلاف شيء ثم يلصق التهمة بأخاه أو زميله بغية الانتقام منه، والغالب أن الاتهام هنا يوجه لأولئك الذين يحضون بتقدير واهتمام زائد أكثر من غيرهم، لذلك ينبغي علينا المساواة في المعاملة بين الأطفال، كذلك التأكد من كون التهم صحيحة قبل اتخاذ القرار المناسب إزاءها، وكشف التهم الكاذبة، وعدم فسح المجال أمام أبنائنا للنجاح في عملهم هذا كي يقلعوا عن هذه العادة السيئة.

٦- الكذب الوقائي:

يلجأ إليه الأطفال نتيجة الخوف وعدم الثقة بالآباء بسبب كثرة العقوبات التي يفرضونها على أبنائهم، أو بسبب أساليب القسوة والعنف التي يستعملونها ضدهم في البيت مما يضطرهم إلى الكذب لتفادي العقاب، وهو يحصل غالباً في البيئات التي تتسم بالقسوة في التربية وتكثر من العقوبة، وهذا النوع من الكذب شائع بشكل عام في البيت والمدرسة، فعندما يعطي المعلم لطلابه واجباً منزلياً فوق طاقتهم ويعجز البعض عن إنجازه نراهم يلجئون إلى اختلاق مختلف الحجج والذرائع والأكاذيب لتبرير عدم إنجازهم للواجب، وكثيراً ما نرى قسماً من التلاميذ يقومون بتحوير درجاتهم من الرسوب إلى النجاح في الشهادات المدرسية خوفاً من آبائهم، ومعالجة هذا النوع من الكذب يتطلب منا آباء ومعلمين أن ننبذ الأساليب القسرية في تعاملنا مع أبنائنا بصورة خاصة، ومع الآخرين بصورة عامة، كي لا نضطرهم إلى هذا السلوك.

٧- الكذب الدفاعي:

نجد هذا النوع من الكذب لدى بعض الأبناء الذين يتعرض أصدقاءهم لاتهامات معينة فيلجئون إلى الكذب دفاعاً عنهم، فلو فرضنا أن تلميذاً ما قام بكسر زجاج إحدى نوافذ الصف، فإننا نجد بعض التلاميذ الذين تربطهم علاقة صداقه وثيقة معه يتبارون للدفاع عنه، نافين التهمة رغم علمهم بحقيقة كونه هو الفاعل، وعلى المربي في هذه الحالة أن يحرم هؤلاء من الشهادة في الحوادث التي تقع مستقبلاً لكي يشعروا أن عملهم هذا يقلل من ثقة المعلم بهم، كذلك عدم اللجوء إلى الأساليب القسرية لمعالجة هذه الحالات، وتشجيع التلاميذ على الاعتراف بالأخطاء والأعمال التي تنسب لهم، وأن نُشعر الأبناء إلى أن الاعتراف بالخطأ سيقابل بالعفو عنهم، وبذلك نربي أبناءنا على الصدق والابتعاد عن الكذب.

٨- كذب التقليد:

قد يرى الابن أو البنت أحد الوالدين يمارس الكذب على الآخرين أو يمارس الكذب عليه، كأن يعده بشراء هدية ما أو لعبة فلا يوفي بوعده، فيشعر بأن والديه يمارسون الكذب عليه، فيتعلم منهم صفة الكذب، وتترسخ لديه هذه العادة بمرور الوقت، ويصل الأمر في مثل هذه الأحوال إلى أن يمارس الطفل الكذب لغير حاجة بل تقليداً لوالديه، وعلى الوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأبنائهم، وأن يكونا صادقين وصريحين في التعامل معهم، فهم يتخذونهم مثالاً يحتذون بهم كيفما كانوا، فإن صلح الوالدين صلح الأبناء، وإن فسدوا فسد أبناؤهم.

٩- الكذب العنادي:

يلجأ الطفل إلى هذا النوع من الكذب لتحدي السلطة، سواء في البيت أو المدرسة، عندما يشعر أن هذه السلطة شديدة الرقابة وقاسية، قليلة الحنو في تعاملها معه، فيلجأ إلى العناد، وهو عندما يمارس هذا النوع من الكذب فإنه يشعر بنوع من السرور، فنجد أن طفلاً يعاني من حالة تبول لا إرادي وتتصف أمه بالجفاف الشديد، وعندما كانت تطلب منه ألا يشرب الماء قبل النوم، فإنه رغبة منه في العناد كان يذهب إلى الحمام بدعوى غسل يديه ووجهه ويشرب كمية من الماء دون أن تتمكن أمه من ملاحظة ذلك مما يسبب له التبول اللاإرادي في أثناء النوم ليلاً.

١٠- الكذب المرضي أو المزمن:

وهو ذلك النوع الذي يتأصل لدى الطفل الذي اعتاد على الكذب، ولم يعالج بأسلوب إيجابي وسريع، فتأصلت لديه هذه العادة وأصبحت مزمنة، بحيث يصبح الدافع للكذب لاشعورياً وخارجاً عن إرادته، فهو جزءاً من حياته ويمارسه في كل تصرفاته وأعماله وأقواله، فهو يدعي أموراً لا أساس لها من الصحة، ويتسم بالمهارة غالباً في ممارسة الكذب حتى أنه يصعب اكتشاف صدقه من كذبه، وهذه هي اخطر درجات الكذب، واشدها ضرراً، وعلاجها ليس بالأمر السهل ويتطلب منا جهوداً متواصلة ومتابعة مستمرة.

علامات الكذب عند الأطفال

  • التغير في ملامح وتعبيرات الوجه.
  •  انخفاض الصوت وتغير نبرة الكلام.
  • الحكة المستمرة للجسم وخصوصاً الرأس.
  • تلاشي النظر في وجه الآخرين، والنظر للجهة اليسرى من الجسم.
  • يصبح الحلق جافاً عند الكذب لذلك يحاول الطفل بلع لعابه للتخلص من هذا الجفاف.

متى يبدأ الطفل في الكذب؟

يدرس علماء علم النفس التنموي القدرة على الكذب منذ عقود، واكتشفوا أنها تتجلى في عمر عامين.

ومع ذلك، بدءاً من عمر 4 سنوات تقريباً، عندما يبدأ معظم الأطفال بالكذب لإخفاء جريمة ما، يستمر هذا المعدل المرتفع من الكذب طوال فترة الطفولة. لكن الكذبات لا تتوقف عند هذا الحد.

كيف تتطور هذه القدرة؟ ماذا يحدث في سن ما قبل المدرسة ويدفع الأطفال لقول كذباتهم الأولى؟

  • المكوِّن المعرفي:

من أجل الكذب، يجب أن يكون الطفل مدركاً أن الآخرين قد تكون لديهم اعتقادات ومعرفة مختلفة عما لديه، وأن تلك الاعتقادات قد تكون خاطئة.

يزداد الكذب تقريباً في سن الرابعة، في الوقت الذي يبدأ فيه الأطفال بالتحكم في قدرتهم على التفكير في الاعتقادات الخاطئة للآخرين. وقد لوحظ أن هذه القدرة مرتبطة بزيادة الكذب عند الأطفال.

بالإضافة إلى فهم أن باستطاعتهم صنع اعتقاد خاطئ عند قول الكذب، يتعين على الأطفال بعد ذلك استخدام قدراتهم على ضبط النفس، كي لا تهرب منهم الحقيقة، واستخدام ذاكرتهم للحفاظ على خيوط الحقيقة والأكاذيب التي قالوها.

  • الدافع الذي تحدده العوامل الاجتماعية

على الرغم من أن كذبات الأطفال قد تكون، في جزء منها، بسبب قدراتهم المعرفية المتطورة، تشير دراستنا إلى أنه في كثير من الأحيان، قد تكون العوامل الاجتماعية أيضاً دافعاً إلى الكذب.

في إحدى الدراسات التي أجريناها، اكتشفنا أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات والذين لديهم أخ أو أخت واحدة على الأقل، كانوا أكثر عرضة للغش في أثناء اللعب من أولئك الذين ليس لديهم إخوة.

وبشكل عام، كذب الأطفال الذين كان لديهم إخوة أصغر بخصوص غشهم، أكثر من الأطفال الذين كانوا هم الأخ الأصغر.

ولعل وجود أشقاء يجعل هناك ميلاً إلى طريقة للعب يمكن أن تشجِّع وتطبِّع الميل إلى الغش. كونك شقيقاً أكبر سناً يتيح الفرصة للتلاعب بالإخوة الأصغر سناً والأقل تطوراً في المعرفة.

  • فوائد قول الحقيقة

عندما يبدأ الأطفال بالكذب، يتحمَّل الآباء مسؤولية التواصل الاجتماعي مع أطفالهم من خلال تعليمهم المعايير الاجتماعية والتوقعات المتعلقة بالأمانة. يريد كثير من الآباء معرفة ما إذا كانت هناك طرق لتشجيع أطفالهم على قول الحقيقة. أحد الأساليب التي حاول بعض الآباء والأمهات اتباعها هي أن يقرأوا لأطفالهم القصص التي تؤكد أهمية الصدق.

لكن الباحثين وجدوا أن قراءة هذه الأنواع من القصص الأخلاقية، التي تؤكد عواقب الكذب، ليس لها أي تأثير على الأمانة. بدلاً من ذلك، اكتشفوا أن القصص التي تشير إلى فضائل قول الحقيقة تعزز سلوك الصدق لدى الأطفال بصورة أكثر فاعلية. أسلوبٌ بسيطٌ آخر هو أن يطلب الآباء من أطفالهم الوعد بقول الحقيقة. واكتشفوا أن هذه الطريقة أكثر فاعلية بدءاً من عمر 5 سنوات حتى سن المراهقة.

كذب طفلك يعني مهارات اجتماعية أكثر

الكذب ظاهرة صحية بالنسبة للأطفال، تدل على التطور العقلي لديهم، فوفقا لدراسة بجامعة تورنتو قام بها البروفسور “كانج لي”، فإن تعلم الخداع يعزز المهارات المعرفية لدى الأطفال الصغار، فالطفل الذي بدأ الكذب في سن الرابعة، أفضل في مهاراته الاجتماعية من قرينه الذي فعلها في وقت لاحق.

ويطور الأطفال مهارة الكذب في عمر السادسة أو السابعة عندما تتطور “الذاكرة العاملة” لديهم، وهي المسؤولة عن جعل كذبته أكثر معقولية، وتذكر معلومات عن كذبته، واسترجاعها في حال سئل عنها لاحقا، وكلما تطورت تلك الذاكرة كانت كذبته أكثر معقولية.

كما يطور الأطفال مهارات الكذب لتصبح مستقبلا مصدر قوة اجتماعيا وتجعلهم أكثر قدرة على المجاملة والتودد إلى الآخرين أو ما يعرف بالكذب الأبيض.

ماذا لو استمر كذب الطفل؟
هل معنى ذلك أننا نشجع على الكذب، بالطبع لا، لو كان هذا الفعل مهارة تدل على تطور الطفل العقلي، وقدرته على الانسجام مع الواقع من وجهة نظره بالطبع، وهو ما يعني تطوره العقلي، غير أن ذلك لا يعني أننا ندعو إليه.

علاج الكذب عند الأطفال

الخطوة الأولي لعلاج الكذب عند الاطفال تتمثل في التعرف علي الأسباب التي تمنع الطفل من قول الحقيقة، واعتماد أسلوب المناقشة والاحتواء من أجل التعرف علي تلك الأسباب وبعد ذلك يحاول كل من الأب والأم التعرف علي المشاكل النفسية والأسباب التي جعلت الطفل يلجأ إلي الكذب ويتم معالجة تلك الأسباب.

وقد دلت أغلب الدراسات التي أجريت على الكذب عند الأطفال أن أكثر هذه الأسباب شيوعاً هو الكذب الوقائي ويمثل ٧٠٪، ثم الكذب الالتباسي ويمثل ١٠٪، و٢٠٪ يعود إلى الغش والخداع والكراهية.

وفي هذه النصائح سيجد الآباء ما يفيدهم في تحقيق هذا الهدف وفق المبادئ التربوية الحديثة.

١- عامل ابنك برفق وأشعره بعطفك:

طفلك صغير والعالم حوله أكبر منه، وهو عالم يكتشفه الطفل على مراحل بما يتناسب مع نموه، وهذا النمو مستمر حتى يصل إلى مرحلة الشباب، ولكي نساعد الطفل على أن يجتاز هذه المراحل في أمن فلابد من أن نعامله برفق ونشعره بالعطف ليخطو نحو اكتشاف العالم، ومن المفيد أن يخصص الآباء وقتاً خاصاً لمداعبة أطفالهم ومشاركتهم ألعابهم، مع الوضع في الاعتبار أنه لا ينبغي للوالدين أن يسمحا للطفل بحرية مطلقة، لأن ذلك لا يتفق مع مقتضيات التربية الاجتماعية ويؤدي إلى نتائج عكسية.

٢- اكسب ثقة طفلك وشجعه على أن يتحدث معك بكل ما يدور في نفسه:

من الطبيعي أن يكثر الطفل من الأسئلة، بل إن أسئلة الطفل الكثيرة دليل تعطشه للتعلم، وأسئلة الطفل في مراحل حياته التي يوجهها هي عربون لبناء الثقة بينه وبين المحيطين به، فإما أن يستمعوا إليها ويكون ذلك علامة اعتراف بالطفل، وإما أن تقابل بالنفور ويكون هذا لدى الطفل علامة على عدم التقبل فتهتز ثقته، وفي مثل ذلك الجو تكون الفرصة مهيأة للجوء الطفل إلى الكذب الوقائي الذي يحاول أن يحمي به نفسه من عقاب الكبار، وقد تتكسر بعض أدواته أو ألعابه لكنه لا يجرؤ على الحديث مع المحيطين به فيلجأ إلى الكذب، لأنه فقد عنصر الأمان، وقد يكون في مثل هذه المواقف الناشئ الأساس لكثير من الانحرافات التي يتعرض لها في مستقبل حياته كالغش والسرقة.

٣- حاول ألا تحاصر الطفل في زاوية ضيقة:

كأن تطلب من الطفل الاعتراف بجرم ارتكبه أو خطأ وقع فيه، بل أعمل على توفير أدلة وحجج يجد معها صعوبة في الشهادة ضد نفسه وبالتالي سيخبرك بالحقيقة.

٤- لن يلتزم الأطفال بالصدق في أسرة يكذب فيها أفرادها:

الأسرة التي يكذب فيها الأب على الأم وتكذب فيها الأم على صديقاتها لن يلتزم فيها الأطفال بالصدق، ولهذا فإن الالتزام بقول الحقيقة يجعل الكذب يبدو شنيعاً في نظر الأطفال، فمن المفترض أن تكون قدوة لأطفالك فحينما يراك الأطفال تكذب وأنت تأمرهم بالصدق تبدو متناقض في أعينهم … فكيف تطلب منهم الصدق، وهذا أكبر تحد يواجهنا في هذه المسألة.

٥- صدقه … وابتعد تماما عن أن تشعره بأنك تشك فيما يقوله:

عندما تقوم علاقتك بالطفل على الثقة والمصارحة فإن هذه العلاقة تعتبر إنجازاً عظيماً فهو طفل سعيد يصارح أبويه ولا يجد أي حرج في أن يبوح بمخاوفه، وأن أية محاولة توحي إلى الطفل بأننا نتشكك فيما يقول هي هدم لتلك الثقة التي بنيناها، وكأننا بذلك نفتح أمامه باباً آخر للكذب يمكن أن يلجأ إليه.

٦- لا تجبره على أداء عمل لا يميل إليه:

إننا عندما نكلف الطفل بأداء عمل فأنه يجب علينا أن نراعي قدراته، فقد يكون العمل فوق طاقته وعند ذلك يضطر الطفل تحت وطأة الخوف من العقاب وإغضاب السلطة أن يحتمي بشخص آخر نيابة عنه ثم يكذب على السلطة ويدعي أنه أنجز العمل بنفسه، كما يحدث في تكليفه ببعض الواجبات المدرسية الشاقة فيضطر إلى اللجوء إلى أمه أو أحد إخوته ليكتب له وجباته الدراسية ثم ينسبها إلى نفسه.

٧- وفر للطفل الهناء العائلي وأجعله يعيش في جو من التفاهم:

من المعروف أن الأسرة هي المجتمع الصغير، وأن الطفل يكتسب خلال حياته العديد من أنماط السلوك التي تنتقل معه إلى حياته في المجتمع الكبير، لذلك ينبغي أن يدرك الآباء خطر الدور الذي يقومون به في التربية.

٨- تفاهم الآباء والأمهات والمعلمين على المعاملة المتزنة الثابتة للطفل في المواقف المتشابهة:

ويقصد بالمعاملة المتزنة هنا المعاملة التي تقوم على محاولة فهم الظروف المحيطة بالطفل، ويفترض أن تكون المعاملة ثابتة في المواقف المتشابهة، فموقف الأب هو موقف الأم، فلا يكون هناك اختلاف بين هذه الجهات في تقويمها لسلوك الطفل، وهذا الاتفاق يعطي القيم معنى، وييسر امتصاص الطفل لها وأخذه بها.

٩- من المهم ألا نعطي الطفل انطباعاً بأن الكذب ينجيه من العقوبة:

بل علينا أن نقرر له بوضوح أن الصدق يخفف من عقوبة الخطأ الذي ارتكبه، وإن إخفاء الخطأ الذي وقع فيه يستوجب عقوبتين: عقوبة الخطأ وعقوبة الكذب في التنصل منه.

أما عن الخطوة الأخيرة للتعامل مع الكذب عند الاطفال، فلابد من استشارة الطبيب الخاص بالأطفال عند وجود الحالة النفسية والمزاجية السيئة وارتباط الكذب لدى الطفل بالعنف والرغبة في افتعال المشكلات.

السابق
الفحص النفسي
التالي
حقائق هامة حول المضادات الحيوية

اترك تعليقاً