صحة عامة

ما هو مرض الذهان

ما هو مرض الذهان

الذهان

الذّهان هو اضطرابٌ عقلي له تأثير قويٍّ على الشخص، وهو مصطلح يشير إلى حدوث اختلالات في العقل البشري؛ إذ إنَّه يؤدّي إلى فشل الإدراك والحدّ من استيعابهِ، ويسلب المريض قدرته على التفكير في الأشياء بمنطقية، لذلك صنَّفه العلماء من الأمراض المؤدِّية إلى حالة الانفصال عن الواقع، والكشف المبكّر عن الذّهان يُساهِم في السّيطرة عليه بفعالية أكبر.

الذهان مصطلح واسع يشمل أمراضًا نفسيةً متعددةً، كالاكتئاب الذهاني، والفصام، والاكتئاب ثنائي القطب، والذّهان النّاتج عن تناول بعض الأدوية، كما قد ينشأ نتيجةً لأمراضٍ عضوية؛ فقد يترافق مع سرطان الدماغ، والخرف، والجلطات الدماغية، وغيرها.

المصاب بهذا المرض تكون لديه تصوُّرات خاطئة وتتكوَّن لديه اعتقاداتٌ غير موجودة، كأن يعتقد أنَّ أحدًا يضع له السُّم في الطعام، أو أن أحدًا يطارده في الشّارع، والعديد من الاعتقادات الظنيَّة الخاطئة تكون بالنِّسبة لمريض الذُّهان غير قابلة للنِّقاش وصحيحةً للغاية، كما يعاني المصاب من بعض الهلوسات ربَّما في السَّمع، كأن يسمع أنّ هناك أحدًا يكلِّمه، لذلك قد يتكلَّم مع نفسه في بعض الأحيان لكنه في الحقيقة غير ذلك، إذ يكلِّم تلك الأصوات التي يسمعها وحده، وقد يؤدي ذلك إلى إيذاء المريض لنفسه أو إيذاء غيره.

أشكال الذهان

توجد عدة اضطرابات نفسية قد يظهر الذهان كعَرَضٍ لها، منها:

  • الفصام: هو اضطراب ذهني خطير يؤثر على طريقة تفكير الشخص وشعوره وسلوكه، ويجد المريض صعوبةً في التفريق بين ما هو حقيقي وما هو خيال.
  • اضطراب ذهاني مؤقت: هو أن تظهر الأعراض الذهانية ليوم واحدٍ على الأقل ولا تزيد عن شهر واحد، وتحدث عادةً كاستجابةٍ لحدث عصبيّ أو يبعث على التوتر، وإذا زالت الأعراض قد لا تعود مطلقًا مرةً أخرى.
  • الذهان المرتبط بالاكتئاب ثنائي القطب: هذا النوع من الاكتئاب يتضمن أوقاتًا بمزاج مرتفع وأوقاتًا أخرى بمزاج منخفض، وتتخللها نوبات من الذهان، وغالبًا ما تترافق مع النوبة ذات المزاج المرتفع أو ما يُطلق عليها نوبة الهوس.
  • الاكتئاب الذهاني: أن يكون الشخص يعاني من اضطراب الاكتئاب المترافق مع الأعراض الذهانية.
  • الذهان الذي يحدث بعد الولادة: يكون جزءًا من الاكتئاب الحاد بعد الولادة.
  • الذهان الناتج عن أخذ بعض الأدوية: مثل الأدوية المخدرة أو المهلوسة، أو شرب الكحول.

كما قد يحدث نتيجةً لأمراضٍ عضوية، كسرطان الدماغ، والجلطات الدماغية، ومرض نقص المناعة المكتسبة، وبعض أنواع الصرع.

أعراض مرض الذهان

تتميز أعراض الذهان بأنّها تختلف من شخص إلى آخر، إذ تظهر على كل شخص بنمط معين مختلف عن غيره، ومن أهمّها ما يأتي:

  • الهلوسة: هي حالة يرى فيه الشخص المصاب أو يسمع أو يشم أو يتذوق أو يشعر بأشياء غير موجودة خارج ذهنه، ويوجد العديد من أنواع الهلوسة، تتضمن ما يأتي:
    • الهلوسة السمعية، فيها يسمع الشخص المصاب أصواتًا غير موجودة في الحقيقة.
    • الهلوسة البصرية، يرى الشخص المصاب أشياء غير موجودة في الحقيقة.
    • الهلوسة الحسية، يشعر الشخص بأن أحدًا ما لمسه من غير وجود أحد في المكان.
    • الهلوسة الشمية، فيها يشم الشخص المصاب روائح لا يستطيع أي شخص آخر شمها؛ إذ إنّها غير موجودة.
    • الهلوسة الذوقية، فيها يتذوق الشخص طعمًا داخل فمه على الرغم من عدم تناوله لأي طعام.
  • الأوهام: هي أن يملك الشخص اعتقادًا خاطئًا راسخًا لا يتزعزع، ويوجد العديد من أنواع الأوهام، تتضمّن ما يأتي:
    • وهم العشق، إذ يعتقد الشخص المصاب أنه يوجد شخص آخر قد يكون شخصًا مهمًا أو مشهورًا يقع في حبه.
    • وهم العظمة، إذ يعاني الشخص من اضطراب وهمي يجعله يعتقد أنه يملك قيمةً كبيرةً أو قوّةً أو معرفةً، أو قد يعتقد أنه يملك هويّةً مميزة أو حقّق اكتشافًا عظيمًا.
    • وهم الغيرة، يعتقد الشخص المصاب أنّ شريكه يخونه وغير مخلص له.
    • وهم الاضطهاد، يعتقد الشخص المصاب بهذا النوع أنه يتعرض لسوء المعاملة أو أنّ شخصًا ما ينوي إلحاق الضرر به.
    • الوهم الجسدي، يعتقد الشخص الذي يعاني من هذا النوع أنه يعاني من عيب جسدي أو مشكلة طبية.
    • الوهم المختلط، يعاني الشخص المصاب بهذا النوع من نوعين أو أكثر ممّا ذُكر أعلاه.
  • أفكار مشوّشة ومضطربة: إذ قد يعاني الشخص المصاب بالذهان من اضطراب في الأفكار، وتتضمّن أعراضه ما يأتي:
    • الكلام السريع والمستمر.
    • الكلام المضطرب؛ فعلى سبيل المثال قد ينتقل من موضوع إلى آخر دون إكمال الموضوع الأساسي.
    • التوقف مؤقتًا خلال المحادثة أو خلال القيام بالنشاطات.
  • ضعف البصيرة: غالبًا ما يكون الأشخاص الذين لديهم نوبات ذهانية غير مدركين أن أوهامهم أو هلاوسهم ليست حقيقيةً، مما قد يؤدي بهم إلى الشعور بالخوف والقلق.

أسباب مرض الذهان

أسباب مرض الذهان وتفسيره معقّدة، ولم يتوصّل العلماء إلى الآن لتفسيرٍ كامل له، لكن يُعتقَد أنّ السبب هو تفاعل بين الأسباب الجينية والعوامل البيئية، ومن الأسباب المحتملة لهذا المرض ما يأتي:

  • الأمراض الذهنية: كالفصام، والاكتئاب ثنائي القطب، والاكتئاب الذهانيّ.
  • العوامل الجينية: فوجود تاريخ عائلي من الإصابة بالفصام الذهاني يجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالذهان.
  • بعض الأدوية: مثل الأمفيتامينات، والكيتامين، والكوكائين، وغيرها.
  • بعض الأمراض العضوية: مثل الخرف أو الزهايمر، والتَّصلّب المتعدد، ومرض باركنسون، وداء لايم، ومرض الزهري.
  • خلل في في أملاح الجسم: مثل انخفاض أو زيادة كلّ من الكالسيوم، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والفوسفات.

علاج الذهان إنّ العلاج من مرض الذهان متعدد الجوانب، كالعلاج باستخدام الأدوية، أو العلاج الوظيفي، أو التَّأهيل الاجتماعي، ويمكن توضيح ذلك كالآتي:

  • العلاج الدوائي: من خلال مضادات الذهان، التي تمنع ارتباط الدوبامين بمستقبلاته في الدماغ، ومن أعراضها الجانبيّة الشعور بالدوار والغثيان، وزيادة الوزن، والإمساك، وقلة الرغبة الجنسيّة، وغيرها. وقد يُعطى المريض جرعات من الأدوية المهدِّئة كالبنزوديازيبين؛ للتقليل من حالة الهيجان والعصبيّة التي تترافق مع نوبة الذهان.
  • التَّأهيل الاجتماعي: إذ يجب أن يتفهَّم الأشخاص المحيطون بمريض الذُّهان حالته الصحيَّة، ويساعدونه على الشفاء من هذا المرض، إضافةً إلى دعمه معنويًّا وزيادة ثقتهِ بنفسه.
  • العلاج السلوكي المعرفي: هو إعطاء المريض جلسات علاجٍ نفسيٍّ مستمرَّة، تتميز هذه الجلسات بأنَّ لها تأثيرًا قويًّا جدًّا على المريض، وتساعده على التَّخلّص من المرض بسرعة، وتقوم فكرة هذا العلاج على معرفة كيفية طريقة التفكير السليمة، كما يساعد الاختصاصي النفسي المريضَ على فهم ما يحدث معه وتحقيق أهدافه وتقليل تأثير المرض على حياته ووظيفته.

الذهان الناتج عن تعاطي الحبوب

الذّهان النّاتج عن تعاطي المخدرات هو أي حالةٍ من الذهان تحدث نتيجة أخذ أي مادّة سامة، وهذا يتضمّن استهلاك كمية أكبر من اللازم من بعض الأدوية، أو عَرَضًا جانبيًّا لأخذ عدة مواد معًا، أو كأعراضٍ انسحابية لبعض الأدوية. وبالرغم من أن الذهان يحدث بسبب بعض الأدوية المهلوسة، إلا أنّه قد يحدث في بعض الحالات النّادرة نتيجةً لبعض الأدوية، مثل: مرخيات العضلات، ومضادات الهستامين، ومضادات الاكتئاب، ومضادات الاختلاج، وغيرها من الأدوية التي تُؤثر على الجهاز العصبي المركزي.

في أي وقت يمر الشخص بحالة من الذهان نتيجة أي نوع من الدواء ينبغي مراجعة الطبيب مباشرةً، وفي الحالات الناتجة عن المخدرات فإنّ العلاج يكون بإيقافها، إلّا أن هذا العلاج يصعُب إجراؤه؛ إذ يقف الإدمان مانعًا لهذا، وكذلك فإنّ الأعراض الانسحابية تصعّب على المريض ترك هذه الأدوية، لذا قد يلجأ الأطباء إلى خيارات أفضل، مثل: تخفيف الجرعات تدريجيًا لتجنّب الأعراض الانسحابية، أو باستخدام بعض الأدوية المناسبة، إلّا أنّ الانتكاس والعودة إلى التعاطي والإدمان وارد جدًا، لذلك ينبغي المتابعة مع طبيب أو مركز مختصّ بحالات التعافي من الإدمان.

السابق
أساليب العلاج النفسي الحديثة
التالي
علاج مرض الهستيريا

اترك تعليقاً