صحة عامة

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

اضطراب ما بعد الصدمة

من الطبيعي أن يشعر الشخص بالخوف والحزن والقلق بعد التعرض لتجربة مؤلمة ولمدة من الوقت، لكن إذ لم تتلاشَ هذه الأعراض فقد يبدو الشخص مصابًا بـاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ويحدث اضطراب ما بعد الصدمة عندما يتعرض الشخص لأي حادث يجعله خائفًا وقلقًا، ويربط الكثير من الأشخاص هذا الاضطراب بالتعرض للاعتداء، أو بالجنود الذين يعانون من آثار الحروب، لكنّ أي حدث أو سلسلة من الأحداث تُشعِر الشخص باليأس والعجز قد تسبب حدوث هذا الاضطراب. ويؤثر اضطراب ما بعد الصدمة في الأشخاص الذين يعانون شخصيًا من الحدث الصادم أو أولئك الذين يشهدون الحدث أو أولئك الذين يعملون في مكان وقوع الحدث؛ مثل: عمال الطوارئ. ومهما كان سبب حدوث اضطراب ما بعد الصدمة فيجرى من خلال العلاج والدعم تعلم كيفية التحكم بالأعراض وتقليل الذكريات المؤلمة وتجاوز الصدمة.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

تبدأ أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بعد ثلاثة أشهر من التعرض لصدمة، لكن في بعض الحالات قد تظهر بعد مرور سنة على الصدمة، وتختلف الأعراض في شدتها ومدتها من شخص لآخر، فقد يستعيد بعض الأشخاص عافيتهم خلال ستة أشهر، وربما يحتاج بعضهم الآخر إلى مدة أطول، وتُقسّم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أربعة أقسام رئيسة؛ وهي:

  • استحضار الذكريات، إنّ الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة يعيدون الصدمة مرارًا وتكرارًا من خلال أفكار وذكريات متعلقة فيها، وقد يتضمن ذلك ذكريات الماضي والهلوسة والكوابيس، كما ربما يشعرون أيضًا بالحزن الشديد عندما يتذكرون أشياء معينة متعلقة بالصدمة؛ مثل: تاريخ الذكرى السنوية للحدث.
  • التجنب، ربما يتجنّب الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة الأشخاص أو الأماكن أو الأفكار أو المواقف التي قد تذكّره بالصدمة، ويؤدي ذلك إلى الشعور بالوحدة والعزلة والانفصال عن العائلة والأصدقاء، ولعلّهم يفقدون الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يتمتعون بها في السابق.
  • فرط العواطف، هذا يتضمن المشاعر المفرطة ومشكلات متعلقة بالآخرين؛ بما في ذلك الشعور أو إظهار المودة، وصعوبة في النوم أو النوم المفرط، والتهيج ونوبات الغضب وصعوبة في التركيز، كما قد يعاني الشخص أيضًا من أعراض جسدية؛ مثل: ارتفاع ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، والتنفس السريع، وتوتر العضلات، والغثيان، والإسهال.
  • الإدراك السلبي والحالة المزاجية السلبية، الذي يشير إلى الأفكار والمشاعر المتعلقة باللوم والغربة وذكريات الصدمة.

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة

يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بعد التعرض لصدمة أو حادث مؤلم؛ مثل: الحروب والمعارك والكوارث الطبيعية والحوادث الخطيرة وفقد أحد أفراد أسرته، سواء أكان ذلك عن طريق العنف أم لا، وحوادث التعدي وأشكال الإساءة الأخرى، ويؤدي أي موقف يسبب الخوف أو الصدمة أو الرعب أو العجز إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

لكن من غير الواضح لماذا قد يصاب بعض الأشخاص باضطراب ما بعد الصدمة بينما لا يصاب آخرون بذلك، ورغم هذا قد تزيد بعض العوامل من خطر حدوثه، ومنها ما يأتي:

  • الافتقار إلى الدعم الاجتماعي بعد الصدمة.
  • وجود تاريخ مرضي متعلق بالمشاكل المرضية أو تعاطي المخدرات.
  • سوء المعاملة خلال مرحلة الطفولة.
  • سوء الصحة الجسدية قبل الحدث أو نتيجة التعرض له.

كما تلعب العوامل الجينية والفيزيائية دورًا في ذلك، وتتضمن هذه العوامل ما يأتي:

  • بنية الدماغ، أظهرت فحوصات الدماغ أنّ الحصين (بنية تشريحية في الدماغ) أو (hippocampus) يظهر مختلف عند الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة مقارنةً بالآخرين، ويسهم هذا الجزء من الدماغ في معالجة العواطف والذكريات، ويؤثر في فرصة استعادة ذكريات الماضي.
  • الاستجابة للضغوط، إذ إنّ مستويات الهرمونات التي تُطلق عادةً في حالة الهروب أو الضغط مختلفة في الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
  • الجنس، قد يلعب هذا دورًا في زيادة خطر الإصابة، وتشير الدراسات إلى أنّ النساء يملكن فرصة أكبر للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة مقارنةً بالرجال، على الرغم من أنّ الرجال يتعرّضون لصدمات أكثر.

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة

لا يُشخَّص الإنسان مصابًا بهذا الاضطراب حتى مرور شهر واحد على الأقل منذ حدوث الصدمة، وفي حال وجود أعراض سيبدأ الطبيب تقييم المصاب من خلال إجراء دراسة للتاريخ الطبي الكامل للمصاب وفحص بدني كامل، وعلى الرغم من عدم وجود فحوصات مخبرية لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة، لكنّ الطبيب قد يستخدم اختبارات مختلفة لاستبعاد الأمراض الجسدية الأخرى في شكل سبب للأعراض، ويستخدم الأطباء النفسيون وعلماء النفس أدوات ومقابلات تقيمية مصممة بشكل خاص لتقييم الشخص لوجود اضطراب ما بعد الصدمة أو حالات نفسية أخرى، كما يعتمد الطبيب في تشخيصه للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة على الأعراض التي يبلغ عنها المصاب.

علاج اضطراب ما بعد الصدمة

يتضمن علاج اضطراب ما بعد الصدمة العلاج النفسي والاستشارات والعلاج الدوائي على النحو الآتي:

  • العلاج النفسي، الذي يتضمن ما يأتي:
    • العلاج بالمعالجة المعرفية (CPT)، إذ يُعرَف أيضًا باسم إعادة الهيكلة المعرفية، وفيه يتعلّم المصاب كيفية التفكير بطريقة جديدة، إذ إنّ الصور الذهنية للحادث قد تساعده في السيطرة على الخوف والضيق.
    • العلاج بالتعرض، ربما يسهم التحدث بتكرار عن الحدث أو الصدمة أو مواجهة سبب الخوف في بيئة آمنة ومضبوطة في شعور المصاب بأنّه يتحكم بأفكاره ومشاعره، ومع ذلك، فإنّ فاعلية هذا العلاج مشكوك فيها، وينبغي إجراؤه بعناية، فهو يحمل خطر تفاقم الأعراض.
  • العلاج الدوائي، يتناول المصاب بعض الأدوية لعلاج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، إذ يشيع استخدام مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs),؛ مثل: الباروكستين- paroxetine، وتساعد هذه الأدوية أيضًا في علاج الاكتئاب والقلق ومشاكل النوم والأعراض التي غالبًا ما تظهر بسبب اضطراب ما بعد الصدمة، لكن توجد بعض التقارير التي تفيد بأنّ الأدوية المضادة للاكتئاب يزيد من خطر الانتحار عند الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا، وفي بعض الحالات تُستخدَم البنزوديازيبينات-benzodiazepines لعلاج التهيج والأرق والقلق، لكن لا يوصى باستخدامه فقد يؤدي إلى الاعتمادية.

مضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة

يُعطّل اضطراب ما بعد الصدمة الحياة كليًا، فهو يؤثر في علاقات الشخص المصاب وصحته وقدرته على تنفيذ الأنشطة اليومية، كما قد تزيد الإصابة من خطر الإصابة ببعض الأمراض؛ بما في ذلك ما يأتي:

  • الاكتئاب والقلق.
  • المشكلات الناتجة من تناول المخدرات وشرب الكحول.
  • اضطرابات الأكل.
  • الأفعال والسلوكيات الانتحارية.
السابق
ما هو الكذب المرضي؟
التالي
كيفية التعامل مع اكتئاب الشتاء

اترك تعليقاً