تأثير دور الانفلونزا الأول على حياة الانسان بعد ذلك
غالبًا فإن الإصابة الأولى بالفيروس المسبب للإنفلونزا تؤثر في حالة الجهاز المناعي ورد فعله تجاه الفصائل الأخرى من الفيروسات المسببة للانفلونزا، حيث تساعد ظاهرة الطابع الخاص هذه في دعم الجهاز المناعي ومساعدته على الاستجابة بشكل أسرع للفصائل الجديدة من الفيروسات المسببة للانفلونزا، حيث أن هناك بروتين يسمى هيماج جلوتينين يوجد على السطح الخارجي للفيروس، إذا تشابه هذا البروتين مع البروتين الخاص بالفيروسات التي أصابت الشخص قبل ذلك، عند هذه النقطة فإن جهاز المناعة يبدأ في إنتاج أجسام مضادة تقاوم هذا الفيروس.
ولكن من المؤسف أن الفيروسات بإمكانها أن تتحولا وأن تغير من تركيبها وبالتالي فإنها تنتج أنواع جديدة مقاومة للأدوية المعروفة، وهناك مثال على ذلك وهم الأشخاص الذين ولدوا في عام 1968، حيث تبدأ المشكلة من أول فيروس انفلونزا تعرض له هؤلاء الأشخاص، حيث انتشر في هذا العام لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية نوع من الفيروسات يحمل على سطحه بروتين H3، مما يعني ان كل الأشخاص الذين ولدوا قبل ذلك لم يتكون لديهم أجسام مناعية ضد هذا البروتين H3، وعندما انتشر فيروس H3N2 هذا العام في الولايات المتحدة الأمريكية فإن الأفراد الذين لم يتكون لديهم مناعة ضد هذا البروتين كانوا أكثر تأثرًا به وكذلك الأطفال الذين ولدوا للتو.
أخطر أنواع الإنفلونزا
يثير فيروس كورونا الجديد الذعر في العالم، حيث تتسارع حالات الوفاة بين المصابين به، كما تزداد أعداد المصابين به والدول التي تعلن عن تسجيل إصابات فيها.
وفي العقد الأخير، أي في الفترة من 2010 ولغاية العام 2020، انتشرت العديد من الأوبئة، كان أبرزها أنواع جديدة من الإنفلونزا، مثل كورونا الشرق الأوسط وإنفلونزا الخنازير،وسبقهما في العقد السابق إنفلونزا الطيور.
وتفشت في العقد الأخير أيضا أوبئة أخرى، لعل أكثرها خطورة كان فيروس إيبولا، الذي انتشر في عدد من الدول الأفريقية، وفيروس زيكا الذي انتشر في أميركا الجنوبية.
وقبل العام 2009، ظهر إنفلونزا الطيور (2003) وتسبب بوفاة حوالي 400 شخص، وسبقه فيروس سارس (2002) الذي أدى إلى وفاة 800 شخص في العالم.
وفيما يلي نظرة سريعة على أخطر فيروسات وأوبئة العقد الماضي:
إنفلونزا الخنازير
انتشر وباء إنفلونزا الخنازير “إتش 1 إن 1” (H1N1) في العام 2009، وقد اكتشف أولا في المكسيك في أبريل من ذات العام، قبل أن ينتشر في العديد من دول العالم.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن إنفلونزا الخنازير يعتبر من أكثر الفيروسات خطورة، لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع، هربا من تكوين مضادات له في الأجسام التي يستهدفها، حيث يقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى 3 أعوام، وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه، يتحور الفيروس ويتمكن من الصمود أمام الجهاز المناعي مسببا حدوث “جائحة” أو وباء يجتاح العالم كل عدة سنوات.
وفي شهر يونيو 2012 تم نشر تقديرات عبر دراسة لمجموعة من الأطباء والباحثين والهيئات أعلنت فيها عن وفاة 280 ألف شخص، منهم 201 ألف حالة وفاة جراء أسباب تنفسية، و83 ألف حالة وفاة جراء أمراض القلب والأوعية الدموية، بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية في العام 2010 عن وفاة 18 ألف شخص جراء الوباء.
عربيا، وصل عدد الوفيات، حتى 31 يناير 2010، في 22 دولة إلى 1014 حالة وفاة، حسب منظمة الصحة العالمية.
وباء أيبولا
في ديسمبر 2013، توفي طفل صغير يدعى إميل أومونو في قرية ميليانو، في غينيا، واكتسبت وفاته أهمية أكبر بكثير عندما تم تسمية إميل على أنه المريض الأول لما عرف لاحقا بأسوأ انتشار للإيبولا في التاريخ.
وانتشر الفيروس أيبولا القاتل شديد العدوى بسرعة عبر غينيا، إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، ليعرف بعدها باسم فاشية “فيروس إيبولا في غرب أفريقيا”، الأمر الذي كاد يتسبب بانهيار اقتصادات البلدان الثلاثة، وخلال ذلك العام، توفي حوالي 6000 شخص جراء الفيروس.
وعاد الوباء ليضرب مجدد في العام 2018، وهذه المرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث فقد أكثر من 2200 شخص حياتهم، من بين حوالي 3300 إصابة تم تأكيدها.
زيكا
على الرغم من أن زيكا ليس فيروسا قاتلا، لكن منظمة الصحة العالمية حددت الفيروس والحمى الناجمة عنه مرضا وبائيا، بالنظر إلى علاقته بالتشوه الخلقي عند الأطفال حديثي الولادة، وهي الحالة التي صارت تعرف باسم “صغر الرأس”، التي تنجم عن طريق انتقال العدوى من الأم الحامل إلى الجنين.
وتفشى الفيروس مرتين في العقد الماضي، الأولى في بولينيزيا الفرنسية في العام 2013، والثانية في البرازيل عام 2015، وفي عام 2016، تم الإعلان أنه لا يوجد علاج أو تطعيم وقائي ضد فيروس زيكا، الذي ينتشر بواسطة بعوضة الحمى الصفراء.
وفي مرحلة تفشي المرض في المرة الثانية، بدأ انتشار فيروس زيكا في أبريل من العام 2015، وفي أوائل العام 2016 وصل انتشار الفيروس لأعلى مستوياته في تاريخ الأميركيتين، حيث انتقل بعد ذلك لبلدان أخرى من أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، وفي 1 فبراير 2016، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على المستوى العالمي بسبب هذا الفيروس.
كورونا
في العام 2012، ظهر فيروس كورونا، الذي صار يعرف باسم “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” أو “متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد”، وأطلق عليه في بادئ الأمر اسم “فيروس كورونا الجديد”، تماما كما هو الحال مع فيروس ووهان الحالي في الصين.
واعتبارا من يوليو 2015، أبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في أكثر من 21 دولة.
وبحسب آخر إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية، في 24 أبريل 2014، تم تشخيص 254 حالة مؤكدة في العالم توفي منهم 93.
كورونا الجديد
في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي، تم الإبلاغ عن أول حالة مشتبه بها لمنظمة الصحة العالمية، بوصفها فيروس كورونا الجديد أو فيروس كورونا المستجد، الذي صار يعرف باسم (2019-nCoV).
وكان أول تفش للمرض في سوق هوانان للمأكولات البحرية في ووهان بمقاطعة هوبي في الصين، قبل أن ينتقل إلى بانكوك في تايلاند وطوكيو في اليابان وسول في كوريا الجنوبية، ثم في مدن بكين وشنغهاي وغوانغدونغ في البر الصيني، وهونغ كونغ وماكاو، وإيفرت، وفيتنام، وسنغافورة.
وفي وقت لاحق أعلن عن إصابات بالفيروس في أستراليا وماليزيا وتايوان والولايات المتحدة وفرنسا، ومؤخرا أعلن عن حالة إصابة في كل من ألمانيا وسريلانكا وكمبوديا.
وتضمنت الأعراض الموثقة حدوث حمى في 90 في المئة من الحالات، وضعف عام وسعال جاف في 80 في المئة، وضيق في النفس في 20 في المئة، مع ضائقة تنفسية في 15 في المئة من الحالات.
وحتى الآن، بلغ عدد المصابين بالفيروس أكثر من 4500 شخصا، منهم 52 حالة خارج الصين، بينما أودى الفيروس بحياة 106 أشخاص، كلهم في مدينة ووهان، باستثناء حالة وفاة واحدة في بكين.
أسباب الإنفلونزا
تنتقل فيروسات الإنفلونزا عن طريق الرذاذ في الهواء عند قيام شخص حامل للعدوى بالسعال أو العطس أو التحدُّث. يمكن أن تستنشق الرذاذ مباشرةً، أو تلتقط الجراثيم من أحد الأشياء — مثل الهاتف أو لوحة مفاتيح الكمبيوتر — ثم تنقلها إلى عينيك أو أنفك أو فمك.
من المحتمل أن يصبح الأشخاص المصابون بالفيروس ناقلين للعدوى قبل أو منذ أول يوم تظهر فيه الأعراض، وحتى خمسة أيام بعد ظهورها. قد يبقى الأطفال والأشخاص الذين لديهم ضعف في الجهاز المناعي ناقلين للعدوى لفترة أطول قليلًا.
تتغير فيروسات الإنفلونزا باستمرار، مع ظهور سلالات جديدة بانتظام. إذا كنتَ قد أُصِبت بالإنفلونزا فيما مضى، فإن جسمك قد صنع بالفعل أجسامًا مضادةً لمحاربة تلك السلالة من الفيروس. إذا أُصِبت فيما بعدُ بفيروس إنفلونزا مشابه لذاك الذي واجهتَه من قبل عن طريق المرض أو التطعيم، فقد تمنع تلك الأجسام المضادة العدوى أو تجعلها أقل حدة.
لكن الأجسام المضادة لفيروسات الإنفلونزا التي واجَهْتَها في الماضي لا يمكن أن تحميك من سلالات الإنفلونزا الجديدة التي يمكن أن تختلف كثيرًا من الناحية المناعية عما أصبت به من قبل.
كيف تتخلص من الانفلونزا بسرعة؟
يتعافى معظم المصابين بالإنفلونزا تلقائيًا من دون الخضوع للعلاج الطبي؛ إذ يُنصح المصاب بالتزام المنزل، وتجنب الاحتكاك بالآخرين، وتناول كميات كافية من السوائل، والحصول على القدر الكافي من الراحة، وذلك في حالات الإصابة بالإنفلونزا الخفيفة، أمَّا في حالات العدوى الشديدة التي تترافق مع التعب الشديد، أو ارتفاع خطر الإصابة بمضاعفات الإنفلونزا، فيجب مراجعة الطبيب، وفي هذه الحالة قد يصِف الطبيب مضادات الفيروس لعلاج الإنفلونزا؛ إذ تُخفِّف هذه الأدوية الأعراض المصاحبة للعدوى، كما تقلِّل من فترة المرض، وتقي من مضاعفات الإنفلونزا الخطرة؛ وتجدر الإشارة إلى أنَّه يُنصَح بتناولها خلال 48 ساعة الأولى من العدوى لا أكثر، وقد ينجم عن تناوُلها عدد من الأعراض الجانبيَّة؛ كالتقيؤ، والغثيان، ويمكن تخفيف هذه الأعراض بتناول الأدوية مع الطعام.
العلاج الدوائي
من مضادّات الفيروس المستخدمة في علاج الإنفلونزا:
أوسيلتاميفير: (Oseltamivir) يستخدم هذا الدواء لتخفيف أعراض الإنفلونزا، وتقليل فترة المرض، كما وتُستخدَم للوقاية من الإنفلونزا في بعض الحالات عند التواصل مع شخص مُصاب به، إذ يتناول المصاب هذا الدواء بالفم سواء مع الطعام أو دونه، ولكن ينصح بتناوله مع الطعام أو الحليب لتخفيف اضطرابات المعدة التي تترافق مع تناوله، ولعلاج الإنفلونزا يجب على المُصاب تناول الدواء بناءً على تعليمات الطبيب، وغالبًا ما يتناول الجرعة مرتين يوميًّا، ولمدّة خمس أيام، أمَّا في حالات الوقاية، عادةً ما تكون الجرعة مرة واحدة في اليوم لمدة عشرة أيام، وفي الحقيقة يعتمد اختيار الجرعة الدوائية على حالته الصحيَّة، واستجابته للعلاج، وكفاءة الكلى.
الزاناميفير: (Zanamivir) يأتي هذا الدواء على هيئة بودرة تُستنشَق عبر الفم، وعادةً ما تستخدم مرتين يوميًّا، ولمدة خمس أيام، أمَّا الجرعة الوقائية منه تكون باستنشاقه مرة واحدة يوميًّا ولمدّة عشر أيام؛ إذ ينتمي هذا الدواء إلى مجموعة أدوية مثبطات نورامينيداز، التي توقف نمو وانتشار فيروس الإنفلونزا في الجسم، ويجب الإلتزام بالجرعة المحدّدة من الطبيب، وتُؤخذ جرعات الدواء كل 12 ساعة، وفي نفس الموعد يوميًّا، أمَّا في اليوم الأول من العلاج، قد يطلب الطبيب استنشاق الجرعات في أوقات متقاربة.
بيراميفير: (Peramivir) يستخدم هذا الدواء في علاج أعراض الإنفلونزا، والتقليل من شدَّتها، وتقليل فترة المرض؛ إذ يُؤخذ جرعة وريديَّة فردية تُعطى ببطء خلال 15-30 دقيقة، ويعتمد تحديد الطبيب للجرعة الدوائيَّة على عمر المصاب، وحالته الصحية، واستجابته للعلاج، أمَّا جرعة الأطفال، فتعتمد على وزن الطفل أيضًا.
العلاج المنزلي
- يوجد عدد من الإجراءات التي يمكن أنْ تخفف أعراض الإنفلونزا عند المصاب، منها:
- الحصول على القدر الكافي من الراحة، فالنوم الجيد يُساعد الجهاز المناعي على مكافحة العدوى.
- الحرص على تناول كميات كافية من السوائل؛ كالماء، والعصائر، والشوربات الدافئة؛ إذ تقي من الجفاف.
- تناول مسكنات الألم التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، مثل؛ الأسيتامينوفين، والآيبوبروفين؛ إذ قد تخفف وجع الجسم الذي يترافق مع الإنفلونزا، ويجب تجنب إعطاء الأسبرين للأطفال والمراهقين. استخدام أجهزة ترطيب الهواء الجوي؛ إذ تقلل كمية فيروسات الإنفلونزا المنتقلة في الهواء المحيط، إذ تعيش هذه الفيروسات مة أطول في الهواء الجاف.
- استنشاق بخار الماء الدافيء، لتخفيف كثافة المخاط، والاحتقان.
- المضمضة بمحلول الماء والملح، قد يساعد على تخفيف ألم الحلق، والتخلص من المخاط.