صحة عامة

كيفية التعامل مع مريض الفصام

كيفية التعامل مع مريض الفصام

ما هو الفصام؟

بعيدًا عمّا نراه في الأفلام السينمائيّة والروايات التي تصوّر الأمراض النفسيّة على أنّها وباء يحوّل الأفراد ‘لى مُجرمين أو عديمي المشاعر، وبغضّ النظر عن نظرة المُجتمع تجاه المُصابين باضطرابات عقليّة ونفسيّة، يُعاني المُصابون بالفصام أو الشيزوفرينيا Schizophrenia من الهلوسة؛ أي رؤية أمور غير حقيقة في الواقع أو سماعها أو الشعور بها، والأوهام؛ أي الاعتقاد والتفكير بأمور غير حقيقيّة، بالإضافة إلى اضطرابات سلوكيّة ومشكلات في التفكير أحيانًا تُصاحبهم مدى العُمر، وهو يُصنّف كأحد اضطرابات الذهان الشديدة، ويتطلّب تشخيص أحدهم بالفصام مُساندة جميع من حوله من عائلة وأصدقاء؛ لمُساعدته على تجاوز هذه الأعراض والسيطرة عليها قدر الإمكان، ومُمارسة أعماله وأنشطته كما يجب، ومنع تطوّر أيّ مُضاعفات خطيرة على صحّته وسير حياته.

كيف تتعامل مع مريض الفصام؟

أكثر الأشخاص الذين يجب عليهم الانتباه لطريقة التعامل مع المُصابين بالفصام هم عائلته وأصدقاؤه، والذين يُحتمل أن يتعاملوا معه بكثرة، وذلك في الواقع لا يضمن الراحة النفسيّة للمُصاب وحسب، وإنّما لمن حوله بتقليل تأثير أعراض المرض عليه، وتسهيل حياته بما لا يؤثّر في حياتهم وراحتهم النفسيّة أيضًا، وبذلك يُحقّق النفع للطرفين، وليس ذلك في الحقيقة بالأمر الصعب أو المؤرّق إن اتّبع المرء إنسانيّته وما لديه من مشاعر في التعامل معهم كما يُفترض أن يتعامل مع غيرهم من الناس تمامًا، وتتضمّن الإرشادات والنصائح للتعامل مع المُصابين بالفصام كُلًا ممّا يأتي:

  • ضرورة تقبّل المرض والتعامل معه كحقيقة مثل غيره من الأمراض الجسديّة المُزمنة التي تتطلّب الرعاية والاهتمام طيلة الوقت، وذلك يُساعد المُصاب أيضًا على تقبّل تناول العلاجات والأدوية.
  • التثقّف حول مرض الفصام وأعراضه التي تظهر على المُصاب ويُعاني منها، ممّا يؤهّل مُقدّم الرعاية أو أفراد عائلة المُصاب لمعرفة العلاجات وما يتعلّق بها من تعليمات للاستخدام، وفي نفس الوقت مُساعدة المُصاب للتأقلم مع المرض والاعتماد على ذاته في العديد من الأمور.
  • مُساعدة المُصاب على تخطّي التحدّيات التي يواجهها في التعامل مع أعراض المرض، وتشجيعه على التحلّي بالصبر حتّى استقرار وضعه والسيطرة على الأعراض.
  • حثّ المُصاب وتشجيعه على الالتزام بمُراجعات الطبيب؛ لما لذلك من أهميّة في تحسّنه، وتشجيعه على ذلك بربط تحسّنه مع قُدرته على تحقيق إنجازاته وأهدافه في الحياة، والنجاح الأكبر في عمله وعلاقاته الاجتماعيّة.
  • تذكير المُصاب وتشجيعه على تناول العلاجات والأدوية الموصوفة من الطبيب؛ إذ إنّ الأعراض الجانبيّة قد تُشعِر المُصاب بالضيق والإزعاج، خاصّةً النّعاس وتشنّج العضلات أو زيادة الوزن، وهنا يظهر دور الطبيب في اختيار العلاج الأفضل بأقلّ تأثير جانبيٍّ على المُصاب وصحّته.
  • مُحاولة تقليل عوامل التوتّر والضغوطات المُحيطة بالمُصاب قدر الإمكان، دون أن يتعارض ذلك مع اعتماده على نفسه أو استقلاليّته، ودون أن يتسبّب بالضغط على أفراد عائلته أيضًا؛ إذ إنّ التوتّر يُحفّز تراجع وضع المُصاب النفسيّ، ويزيد الأعراض سوءًا وشدّةً، لذا فإنّ مُحاولة توفير الجو الهادئ والمُريح مُهمّ جدًّا لمُساعدته.
  • مُساعدة المُصاب على تجنّب تعاطي أيّ نوع من أنواع المُخدّرات أو شرب المشروبات الكحوليّة، التي قد يُروّج لها البعض أنّها تُقلّل من أعراض الفصام مؤقّتًا، فهي تحمل العديد من الأضرار على الصحّة، ناهيك عن تعارضها مع الكثير من العلاجات والأدوية المُستخدمة في علاج الفصام.
  • مُساعدة المُصاب على تقوية علاقاته الاجتماعيّة، بمُحاولة الانخراط مع الأصدقاء والمعارف ممّن يبعثون المرح في جلساتهم والراحة النفسيّة في نفس الوقت، وإعداد روتين اجتماعيّ للخروج والمُشاركة في أنشطة خارج المنزل.

ما هي أعراض الإصابة بمرض الفصام؟

تُساعد معرفة الأعراض المُصاحبة لمرض الفصام على عدم إلقاء اللوم على المُصاب في كثير من المواقف والأحوال وردود الأفعال الناجمة عنه، ففي كثير من الأحيان قد يُسيء بعض المُحيطين بالمُصاب الفهم ويظنونّ أنّهم يتعرّضون للإساءة أو للتقليل من شأنهم، وذلك في الواقع خارج عن إرادة المُصاب حتّى في حال التزامه بالأدوية والعلاجات التي تتطلّب وقتًا لتُسيطر على هذه الأعراض، أضف إلى ذلك أنّ الأعراض المُصاحبة للإصابة بالفصام تختلف ما بين مُصاب وآخر، وما بين فترة وأُخرى، إذ إنّ بعض الأعراض قد تظهر في فترات وتغيب بعدها، وبعضها الآخر قد يُلازم المُصاب طيلة الوقت، وتتفاوت بين ما يؤثّر في السلوك أو التفكير أو المشاعر، وتتضمّن الآتي:

  • الأوهام والضلالات: هي من الأعراض الشائعة بين المُصابين بالفصام، تسبّب اعتقادهم بوجود أمرٍ ما وهو غير حقيقيٍّ أبدًا، كظنّ المُصاب أنّه يمتلك قوّةً خارقةً في أمرٍ مُعيّن، أو أنّ أحدهم يُراقبه ويُريد الإيقاع به، أو أنّ أحدهم واقعٌ في حبّه.
  • الهلوسة: التي تتسبّب بتفعيل إحدى الحواسّ بأمرٍ غير واقعيّ على الإطلاق، كرؤية أشخاص أو أشياء غير موجودة، أو سماع أصوات تتحدّث وتتفاعل مع المُصاب، إذ إنّ الأمر لا يقتصر فقط على وجود الهلوسات، وإنّما تؤثّر وتتفاعل مع المُصاب تمامًا كالمؤثّرات الحقيقيّة.
  • عدم انتظام الأفكار أو الأحاديث: ما يظهر على المُصاب بتفاعله غير المرتبط بالكلام، أو بإجابته على الأسئلة بما ليس له أيُّ علاقة بالسؤال، أو باستخدامه كلمات غير مفهومة التي يُشار إليها أحيانًا بمُصطلح سلطة الكلمات (Words Salad)، وعدم الانتظام في الأحاديث هذا يُشير إلى عدم انتظام تفكير المُصاب حينها.
  • عدم انتظام حركات الجسد وتناسقها: يتمثّل ذلك بعدّة صور وأشكال، كالقيام بحركات لا تحمل أيّ هدفٍ أو معنى، أو التصرّف كالأطفال الصغار، أو التهيّج الشديد، أو حتّى عدم إعطاء أيّ ردود أفعال جسديّة.
  • الأعراض السلبيّة: التي تتمثّل بفُقدان المُصاب لرغبته في العمل أو مُمارسة أيّ أنشطة اعتاد على أدائها يوميًّا، أو عدم اعتنائه بنفسه ونظافته الشخصيّة، بالإضافة إلى التزامه بمزاجٍ واحد وملامح وجه ثابتة دون تواصل بالعينين أو استجابة مع ما يحدث في مُحيطه.

ما هو علاج مرض الفصام؟

عادةً ما تتضمّن الخيارات العلاجيّة مجموعةً من الأدوية المُختلفة التي تُعطى لمدّة زمنيّة طويلة، أو ربّما يُقرّر الطبيب التزام المُصاب بها طيلة العُمر، بالإضافة إلى جلسات العلاج النفسيّ التي يُحدّدها الطبيب أو المُعالِج للمُصاب خلال مُراجعاته له، وفي ما يأتي توضيح لهذه العلاجات:

  • جلسات العلاج النفسيّ: التي تتضمّن الآتي:
    • التدريب على المهارات الاجتماعيّة.
    • تثقيف العائلة والأصدقاء المُقرّبين بمرض الفصام وما يحتاجه المُصاب من دعم ومُساندة.
    • جلسات إعادة التأهيل؛ لمُساعدة المُصاب على التأقلم مع وضعه بما لا يتعارض مع عمله وطموحه.
    • العلاج التوكيدي المُجتمعيّ (ACT)، الذي يُتابع التحديات والأوضاع أو المشكلات التي يمرّ بها المُصاب، مع جدول مواعيد أدويته بالضبط.
  • مُضادات الذهان من النوع الأول: مثل الهالوبريدول، والكلوربرومازين، واللوكسابين، وغيرهم.
  • مُضادات الذّهان من الجيل الثاني: التي تُسبّب ظهور أعراض أقلّ مُقارنةً بمُضادات الذهان من الجيل الأول، ومنها: الأولانزيبين، والريسبيريدون، والكيوتيابين، والكلوزابين، وغيرها.
  • المُعالجة بالتخليج الكهربائيّ (ECT): التي تقتضي تخدير المُصاب وتوصيل أقطاب كهربائيّة في فروة رأسه، وصدمه كهربائيًّا بطاقة صغيرة في جلسات مُحدّدة خلال الأسبوع على مدار بضع أسابيع، وهي الخيار الأخير الذي يلجأ إليه الأطباء في حال لم تُجدِ الأدوية نفعًا في السيطرة على أعراض الفصام، أو في حال عانى المُصاب من الاكتئاب الشديد أو حالة الجامود أو الشذوذ الحركيّ (Catatonia)؛ وهي مرحلة يمرّ بها بعض المُصابين بالفصام، تتسبّب بضعف ردود الفعل لديهم، والتزامهم بوضعيّة ثابتة دون حراك، أو تقليدهم للأصوات أو الحركات باستمرار، مع شعورهم بالهيجان أو الغضب دون ارتباط ذلك بأسباب مُحدّدة.
السابق
متلازمة ترومان
التالي
الصحة النفسية

اترك تعليقاً