صحة عامة

أساليب العلاج المعرفي السلوكي

أساليب العلاج المعرفي السلوكي

العلاج السلوكي المعرفي

عُرِف العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy, CBT) في أوائل الستينات عن طريق الطبيب النفسي آرون بيك (Aaron Beck)، ففي ذلك الوقت كان يمارس التحليل النفسي لمرضاه في جلساته، والتي لاحظ من خلالها أنّهم يُجرون حوارًا داخليًا في أذهانهم، وكأنهم يتحدثون إلى أنفسهم، ومن خلال ذلك أدرك الدكتور آرون بيك أهمية العلاقة بين المشاعر والأفكار، والتي لا يبدو الأشخاص على درايةٍ كاملة بها، لكن يجب عليهم تعلم كيفية الحديث عنها، فإذا كان الشخص يشعر بالانزعاج تتراكم لديه الأفكار السلبية وغير الواقعية، والتي لا تَمُتٌّ للواقع بصلة، ومن هنا انطلق مفهوم العلاج السلوكي المعرفي لاعتماده على كلٍّ من التقنيات السلوكية وتلك المرتبطة بالعقل والتفكير.

يُعرِّف الاختصاصيون العلاج السلوكي المعرفي بأنّه واحد من العلاجات النفسية المُتّبعة لمدة قصيرة من الزمن والمعتمدة على تبادل أطراف الحديث بين المُعالِج والمريض، والتي تهدف إلى علاج مشكلات معينة في حياة الشخص؛ ذلك بتغيير أنماط التفكير أو السلوك لدى معظم الأشخاص من خلال التركيز على المعتقدات والأفكار والصور العالقة في ذهن الشخص وطريقة ارتباطها بسلوكه، ومن مميزات العلاج السلوكي المعرفي أنّه يستغرق مدة قصيرة قد تبدو من خمسة أشهر وتستمرّ إلى عشرة أشهر، يحضر فيها الشخص جلسة واحدة أسبوعيًا تستغرق 50 دقيقة تقريبًا، ويعمل فيها المُعالِج والمريض لفهم طبيعة المشكلات، ووضع الاستراتيجيات والمبادئ المناسبة لحلها.

أساليب العلاج المعرفي السلوكي

يعتمد المبدأ الأساسي في العلاج المعرفي السلوكي على التحكّم بطريقة التفكير لتؤثر إيجابيًا في المشاعر، والتي بدورها تؤثر في السلوكيات للشخص، فمثلًا، عندما يعيد الشخص ترتيب أفكاره لتصبح أكثر إيجابية؛ فإنّ ذلك يولّد مشاعرًا تؤدي إلى ممارسة سلوكيات مفيدة، ولتطبيق ذلك يوجد عدد من الاساليب والاستراتيجيات، وتشمل ما يأتي:

  • إعادة البناء الإدراكي أو التأهيل المعرفي: ذلك بتطوير قدرة الشخص على التعرّف إلى أنماط التفكير السلبية وغير المفيدة أو الهدّامة للذات، وتقليل الانتباه للتفاصيل الصغيرة، وكيفية صياغة تلك الأفكار لتبدو أكثر إيجابيةً وإنتاجية.
  • الاكتشاف الموجه: يتعرّف فيها الاختصاصي المُعالِج لوجهات نظر المريض، ثم يسأل أسئلة معينة لمحاولة زيادة الأفكار وتحدي هذه النظريات، وفيها سيتمكّن المريض من رؤية الامور والتعامل معها من منظورٍ آخر.
  • العلاج بالتعرّض: يعرّض فيه المُعالِج المريض لكل الأشياء التي تثير مخاوفه واضطراباته، ويُقدّم فيها الطرق والتوجيهات الجديدة لكيفية التعامل مع هذه المخاوف، ويفعل المعالج ذلك تدريجيًا لمساعدة المريض في التاقلم والتكيف مع هذه المخاوف.
  • استخدام المفكرة أو الأجندة اليومية: يساعد تدوين الأفكار ضمن مفكرة يومية في تحديد الأفكار السلبية والإيجابية التي تَرِد للشخص، وتتبع الأفكار والسلوكيات التي تعلّمها الشخص خلال جلسات العلاج، ووضعها موضع التنفيذ، وتحديد مدى تقدّم الشخص في العلاج.
  • جدولة النشاطات وتحديد السلوكيات: واحدة من الأساليب التي يلجأ إليها اختصاصي العلاج النفسي، إذ توجد بعض الأنشطة التي يميل الشخص إلى تأجيلها أو تجنّبها بسبب الخوف أو القلق؛ لذلك يساعد هذا الأسلوب الأشخاص في الانخراط في نشاطاتٍ وسلوكياتٍ لا ينخرطون فيها عادةً، كما تساعد جدولة النشاطات في تقويم عادات جديدة ونافعة لهم في حياتهم الروتينية، وممارستها في الحياة العملية.
  • تجارب سلوكية: تُستخدم التجارب السلوكية عادةً لاضطرابات القلق التي تنطوي على التفكير الكارثي المتعلق بتوقُّع حدوث المشكلات أو المصائب؛ لذلك سيطلب المُعالِج ممارسة التأمل الذهني، وتوقع ما سيحدث، والحديث عمّا إذا كان التنبؤ قد تحقق أو لا.
  • ممارسة تقنيات الاسترخاء وتخفيف التوتر: يتعلّم المريض في هذا الأسلوب ممارسة بعض تقنيات الاسترخاء التدريجية للمساعدة في تقليل الضغط وزيادة الشعور بالسيطرة على المواقف، وقد يصبح هذا الأسلوب مفيدًا في حالات التعامل مع الرهاب والقلق الاجتماعي والضغوط النفسية، ومن أمثلة تمارين الاسترخاء هذه:
    • التنفس العميق.
    • استرخاء العضلات.
    • التأمّل الذهني.
  • تبادل الأدوار: الذي يساعد تنفيذه خلال العلاج في تحسين طريقة التصرّف خلال المواقف الصعبة المحتملة، ويؤدي استخدام السيناريوهات المحتملة إلى تقليل الخوف، ويستخدمه الاختصاصيون في:
    • تحسين مهارات حل المشكلات.
    • ممارسة المهارات الاجتماعية.
    • تحسين مهارات التواصل.
  • تحقيق المهمات الصعبة على أوقات متقطّعة: يتضمن هذا الأسلوب تنفيذ المهمات التي تبدو صعبة ومربكة، وتقسيمها مهمات أصغر وأكثر قابلية للتحقيق، فقد تُبنى كل خطوة على الخطوات السابقة لها حتى يكتسب المريض الثقة أثناء أوقات تقدّمه شيئًا فشيئًا وبشكل تدريجي.

فوائد العلاج المعرفي السلوكي

يُقدّم العلاج المعرفي السلوكي فوائد عديدة؛ مثل: بعض الأدوية في علاج المصابين ببعض الأمراض الجسدية والعقلية، لكنّه قد لا يبدو علاجًا فعّالاً أو مناسبًا للجميع، وبعض فوائد العلاج المعرفي السلوكي:

  • ينفع في الحالات التي لا تنفع فيها الأدوية وحدها.
  • يمارس في أوقات زمنية قصيرة نسبيًا مقارنةً بالعلاجات النفسية الأخرى.
  • يُنفّذ هذا العلاج بأساليب وطرق ووسائل مختلفة؛ بما فيها: الكتب، والتطبيقات المساعدة الذاتية.
  • يُعلِّم المريض استراتيجيات عملية ونافعة يضمّنها في الحياة اليومية حتى بعد انقضاء أوقات العلاج وانتهائها.

أهداف العلاج المعرفي السلوكي

يهدِف العلاج المعرفي السلوكي لعلاج عدد من المشكلات؛ وهو من أنواع العلاجات النفسية الأكثر شيوعًا؛ لأنّه يساعد المصاب في تحديد المشكلات والتعامل معها، وقد يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى عدد من الأمور هي:

  • الوقاية من تكرار أعراض الأمراض العقلية وانتكاساتها.
  • السيطرة على أعراض الأمراض العقلية.
  • تعلم مجموعة من التقنيات للتكيف مع ضغوطات الحياة ومواقفها.
  • تحديد مجموعة من الاستراتيجيات والأساليب للسيطرة على العواطف؛ مثل: الحزن، أو الغضب، أو الخوف.
  • حل مشكلات العلاقات الاجتماعية، وتعلّم طرق أفضل وأساليب أكثر للتواصل.
  • التعامل مع أوقات الخسارة والحزن.
  • تعلّم كيفية التغلب على الصدمات العاطفية ذات العلاقة بالعنف أو الإساءة.
  • السيطرة على الاعراض الجسدية.
  • التكيّف مع الأمراض.
  • اكتساب مهارات التواصل الفعّال.
  • التدرُّب على الإصرار.

متى يُستخدَم العلاج المعرفي السلوكي؟

يستخدم العديد من الاختصاصيون النفسيون العلاج المعرفي السلوكي بالتزامن مع تناول علاجات أخرى؛ مثل: الأدوية المضادة للاكتئاب لتحقيق أكبر فاعلية ممكنة، ذلك في عدد من حالات اضطرابات الصحة العقلية التي تشمل:

  • فصام الشخصية (Schizophrenia).
  • الاضطرابات الجنسية (Sexual disorders).
  • الرهاب (Phobia).
  • الاكتئاب.
  • اضطرابات القلق.
  • اضطرابات النوم.
  • اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-compulsive disorder).
  • اضطرابات سوء استخدام الأدوية (Substance use disorders).
  • الاضطرابات ثنائية القطب (Bipolar disorders).
  • اضطراب الأكل.
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
السابق
علاج مرض الغيرة
التالي
أعراض الفصام

اترك تعليقاً