صحة عامة

متلازمة وهم كوتار

متلازمة وهم كوتار

ما المقصود بمتلازمة وهم كوتار؟

الميتون الأحياء ليس فقط مجرد اسم لأحد البرامج التلفزيونية، بل هو حقيقة يعيشها المُصابين بما يُعرف بمتلازمة وهم كوتارد Cotard delusion الذين يؤمنون بأنّهم ميتون أو متعفنون وأن لا شيء حولهم حقيقيّ وأنهم لم يُخلَقوا من الأصل، إضافةً إلى فقدانهم الإحساس بأرواحهم، أو أنّ أحد أعضاء جسمهم غير موجود؛ فقد ينكرون وجود اليدين أو القدمين، وعلى الرغم من ندرة الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات النفسيّة لكن سُجّلت العديد من الحالات المُصابة في عام 1880، إلا أنّه لم يُعرَف الكثير عن طبيعة هذا الاضطراب.

ما الذي يسبب متلازمة وهم كوتار؟

حتى اليوم لا يُوجد سبب محدّد للإصابة بمتلازمة وهم كوتارد، لكن وُجدت عدّة عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بها، وأغلبها يتعلّق بالأمراض والاضطرابات الذّهنية، ومن الجدير بالذّكر أنّ النساء أكثر عرضةً للإصابة بهذه المتلازمة من الرجال، كما أشارت الأبحاث إلى أنّ متوسط عمر الأشخاص الذين يصابون بها هو 50 عامًا، ومع ذلك توجد احتمالية ضئيلة لإصابة المراهقين والأطفال بها.

من اللافت أنّ الإصابة بمتلازمة كوتار قد تتزامن مع الإصابة باضطرابات ذهنية أخرى، مثل: اضطراب ثنائي القطب الذي عادةً ما يتزامن مع الإصابة بها عند من هم دون سن 25 عامًا، ومتلازمة وهم كابجراس (Capgras syndrome) التي تقوم على اعتقاد الأشخاص أنّ أقاربهم أو زوجاتهم أو غيرهم من المقربين ليسوا حقيقين وأنهم استُبدلوا بأشخاصٍ آخرين، ويوجد العديد من الاضطرابات النفسية والجسدية التي تزيد من احتمالية الإصابة بمتلازمة وهم كوتار، يُذكر منها الآتي:

  • الأمراض والمشكلات التي تصيب الجهاز العصبي أو بعض أعضاء الجسم: تتضمن ما يأتي:
    • التهابات الدماغ.
    • الإصابة بالجلطة الدماغيّة.
    • الإصابة بالنوبات الإقفارية العابرة (TIA).
    • الصداع النصفي.
    • الإصابة بضمور الدماغ.
    • حدوث نزيف تحت الجافية.
    • الإصابة بمرض باركنسون.
    • الإصابة بورم الفص الجداري في الدماغ.
    • وجود تشوهات في الأوردة والشرايين في الدماغ.
    • وجود إصابات أو اعتلال أو احتشاء في الدماغ.
    • الإصابة بمرض الصرع.
    • الإصابة بالتصلب المتعدد.
    • الإصابة بمرض الزهري.
  • الإصابة ببعض الأمراض: إذ إن الإصابة بالأمراض الذّهنية الآتية من شأنه التسبب بالإصابة بوهم كوتار:
    • اكتئاب ما بعد الولادة.
    • الفصام.
    • اضطراب ثنائي القطب.
    • الاكتئاب الذهاني.
    • الإصابة بشذوذ الحركة (catatonia).
    • الإصابة بالاضطراب الانشقاقي.
    • الإصابة باضطراب تبدد الشخصية.
    • رهاب الماء (hydrophobia).

ما هي أعراض متلازمة وهم كوتار؟

يصبح المُصاب بهذا النوع من الأمراض النفسيّة منعزلًا اجتماعيًا، ويتوقف عن التحدث مع الآخرين، وقد يسمع العديد من المصابين أصواتًا تخبرهم بأنّهم ماتوا وأنّ أرواحهم هي التي تحوم في الأرجاء، وقد يتوقف بعضهم عن الأكل ويميل إلى محاولة إيذاء نفسه ظنًا أنّه ميت.

كما يعاني المُصاب بهذه المتلازمة من ما يُعرف بالهلوسات العدميّة؛ أي يشعر بعدم وجود شيء، كعدم وجوده أو عدم وجود أحد أعضائه، أو أنه لم يُخلق يومًا، وتوجد ثلاث مراحل لتطور هذا المرض تبدأ بمرحلة الإنبات ثمّ مرحلة الازدهار وتنتهي بحالة المرض المزمن، وهي المرحلة التي تكون فيها الأعراض بأقصى حالاتها وقد تتسبب بوفاة المُصاب، كما توجد ثلاثة أنواع من متلازمة وهم كوتارد، وهي: الاكتئاب الذهني، والنوع الأول، والنوع الثاني، وكل نوع يتميز بظهور أعراض معيّنة قد لا تظهر في النوع الآخر، تُذكَر كالآتي:

  • الاكتئاب الذهني: يتميز بظهور الأعراض الآتية:
    • الاكتئاب.
    • الأوهام العدميّة.
  • متلازمة كوتار النوع الأول: يتميز هذا النوع فقط بوجود الهلوسات العدميّة ولا يرافقها أي نوع من الاضطرابات العاطفية كالاكتئاب والقلق.
  • متلازمة كوتار النوع الثاني: يتميز هذا النوع بالخصائص الآتية:
    • الشّعور بالقلق.
    • الهلوسات السمعيّة.
    • الاكتئاب.

كيف يتم تشخيص متلازمة كوتار؟

العلامات الدالة على الإصابة بوهم كوتادر سهلة الاكتشاف، لكنّها تتشابه أيضًا مع أعراض الإصابة بأمراض ذهنيّة أخرى، لذا يجب أن يستبعد الطبيب الإصابة بأي مرض آخر مثل متلازمة كابجراس قبل أن يقرّر أن الشخص يعاني من الإصابة بوهم كوتارد، ويكون تصوير الدماغ بالأشعة مثل الأشعة المقطعيّة (CT-scan) الدليل القاطع في تأكيد الإصابة بها؛ فالطبيب يجد بعض التغيرات الآتية الدالة على الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات:

  • وجود تغيرات في حجم الفص الجبهي؛ إذ يكون أصغر حجمًا من الطبيعي.
  • وجود تغيرات في الفص الجبهي الأمامي، خاصّةً تلف الجانب الأيمن منه، وتأثُّر الوصلات العصبية بينه وبين الجهاز النّطاقي (Limbic System) بفقدان الإحساس بالزمان والمكان والنفس، مما يتسبّب بالأوهام نتيجة قلة معرفة الشخص وإدراكه لما يحيط به، وهذا الأمر من شأنه التسبب بالإصابة بمتلازمة وهم كوتار.
  • وجود أضرار في الأوعية الدمويّة الدماغيّة الكبيرة، خاصّةً الجزء الأيمن من الدماغ، إذا أظهرت صور المسح المقطعي للدماغ النتائج الآتية:
    • الاحتشاء المزمن في منطقة الشريان الدماغي الأيمن الأوسط، وهذه المنطقة تكون مرتبطةً بالجزء الأيمن من الفص الجبهي.
    • وجود تليّف دماغي لدى المُصاب بمتلازمة كوتار، الأمر الدالّ على انقطاع وصول الدم في مرحلة من المراحل إلى هذه الأماكن من الدماغ، مما أدى إلى تلفها.

هل يوجد علاج لمتلازمة وهم كوتار؟

في البداية يجب التطرق إلى عدم وجود طرق لمنع الإصابة بهذا النوع من الاضرابات النفسيّة والعصبية أو الوقاية منها، لكن قد يساهم العلاج في عكس تأثير هذه الحالة ومن الممكن أن يعالجها نهائيًا، وبما أنّ متلازمة كوتارد قد ترتبط بأمراض أو مشكلات نفسيّة أخرى فإن علاجها قد يختلف من شخصٍ إلى آخر بناءً على الحالة الطبيّة المسببة أو المُرافقة لها، مع ذلك فقد أثبت العلاج بالصدمة الكهربائيّة فاعليته في علاج هذه الحالة مع العلاجات الأخرى (ECT) على الرغم من ارتباطه بالعديد من الأعراض الجانبيّة الخطيرة، كفقدان الذاكرة، وآلام العضلات، والارتباك، ويقوم العلاج على أساس تمرير تيارات كهربائيّة صغيرة عبر الدماغ[٤]، ومن طرق العلاج الأخرى يُذكر الآتي:

  • العلاج النفسي، مثل:
    • العلاج السلوكي المعرفي.
    • العلاج السلوكي.
    • العلاج بالتحدث.
  • العلاج بالأدوية: التي تتضمّن الآتي:
    • مثبتات المزاج.
    • مُضادات الذهان.
    • مُضادات الاكتئاب.
    • العلاج بالمهدئات.
    • مُضادات الدوبامين، مثل ريسبيريدون (Risperidone)؛ إذ اثبتت الأبحاث وجود علاقة قوية بين آلية إفراز الدوبامين في الدماغ والإصابة بوهم كوتارد.
    • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة مثل سيتالوبرام (citalopram)، التي من شأنها تقليل إفراز الدوبامين في الدماغ.
    • الامتناع عن استخدام عقار الأمانتادين (amantadine)؛ لأنّ ارتباطه بمستقبلات الدوبامين يجعلها أكثر فاعليّةً للارتباط بهذه المادة، ممّا يزداد إفراز الدوبامين في الدماغ.

ما هي مضاعفات الإصابة بوهم كوتار؟

في عام 2008 جاءت سيدة رائحتها شبيهة برائحة السمك المتعفن إلى الطوارئ مع أهلها الذين أخبروا الأطباء بأنّها تعتقد أنها ميتة وطلبت منهم أن يأخذوها إلى المشرحة لتشريح جثتها؛ من أجل الكشف عن سبب وفاتها!، وهذا يشير إلى وجود العديد من المُضاعفات المُصاحبة لهذا الوهم، يُذكر منها الآتي:

  • الإصابة بسوء التغذية والجفاف: لاعتقاد الشخص أنه ميت فعلًا فقد يتوقف عن الأكل والشرب؛ لأنّه يعتقد أنه لم يعد بحاجة إلى ذلك.
  • المشكلات الصحيّة والنفسيّة: يتوقّف المُصابون بوهم كوتادر عن الاهتمام بنظافتهم الشخصيّة والاستحمامح ظنًا منهم أنهم ميتون، بالتالي لم تعد توجد حاجة إلى ذلك، الأمر الذي قد يتسبب بإصابتهم بالأمراض الجلديّة، ومشكلات الأسنان، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعيّة.
  • الميل إلى الانتحار: ظنًا منهم أنّه الوسيلة الوحيدة لإثبات موتهم فعليًا لأنفسهم وللآخرين المحيطين بهم الذي يعلمون أنّهم ما زالوا على قيد الحياة، والذي يعاني من هذا النوع من الأوهام سيشعر بالاختناق ظنًا منه أن كل ما يراه حوله ليس حقيقيًا، ويريد التخلص من هذا الحصار الذي يخنقه وأنّه عالق بين الحياة الدنيا والآخرة، لذا يميل إلى الانتحار للشعور بالراحة من هذا الألم وللانتقال إلى الحياة الأخرى نهائيًّا.
السابق
علاج اليأس
التالي
افضل علاج للذهان

اترك تعليقاً