صحة عامة

هل يصاب الآباء باكتئاب ما بعد الولادة؟

هل يصاب الآباء باكتئاب ما بعد الولادة؟

ما بعد الولادة والاكتئاب

تنطوي مرحلة الحمل والولادة على الكثير من التغيّرات واللحظات الجميلة، والذكريات التي تُرافق الوالدين طيلة العُمر، ومع قدوم فرد العائلة الجديد تبدأ مُغامرات وتحديّات مُختلفة على أصعدة مُتنوّعة، وأكثر ما يُثير القلق منها هو اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression)، الذي يُرافق بعض الأمّهات عادةً، مُسبّبًا الشعور بالحُزن والكآبة الشديدين، وتضطّرب خلاله القُدرة على التركيز أو النوم، حتّى أنّ البعض منهنّ قد يُعانين من نوبات الهلع، ويُقدّر بأنّ واحدةً من كُلّ 7 أُمّهات مُعرّضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، الذي يتعارض مع سير حياتهنّ وأعمالهنّ ويتطلّب المُساعدة والعلاج، فهل هذه المُشكلة محصورة بالأمّهات وتستثني الآباء من الإصابة بها؟

هل يُصاب الرجال باكتئاب ما بعد الولادة؟

رغم أنّ اكتئاب ما بعد الولادة ارتبط بالنساء فحسب، إلا أنّ الرجال أيضًا عُرضة للإصابة به بنسبة ليست بالبسيطة أبدًا؛ إذ يُقدّر مُعدّل المُصابين به بإصابة واحدة من بين كلّ 10 آباء، وبذلك يكون الفرق ضئيلًا بالفعل بين هذا المُعدّل ومُعدّل إصابة السيدات، إلا أنّ دراسة الأمر لدى الرجال أصبحت أكثر أهميّةً وواقعيّةً خلال السنوات القليلة الماضية، ويُرجّح أنّ اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال Paternal Postpartum Depression مُرتبط بالتغيّرات والمسؤوليات الجديدة الواقعة على عاتق الأب بقدوم مولوده الجديد، ممّا يتسبّب بالتقلّبات المزاجيّة لديه، وشعوره بالحُزن والقلق أو الإعياء الشديد، الذي يؤثّر في علاقته بطفله وزوجته، لذا فهو يتطلّب العلاج والمُساعدة والمُساندة ممّن حوله.

ما أعراض الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة عند الرجال؟

قد تتشابه بعض أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لدى كُلٍّ من الأمهّات والآباء، إلّا أنّ العلامات والأعراض الأكثر شيوعًا لدى الرجال تتضمن ما يأتي:

  • فُقدان الشغف بالأنشطة والأعمال التي اعتاد المُصاب أن يراها مُمتعةً أو مُهمّةً.
  • الشعور بالغضب السريع، والهيَجان من أمور بسيطة.
  • الشعور بالحُزن والكآبة وفُقدان الأمل.
  • تفضيل العُزلة على الانخراط في الأنشطة الاجتماعيّة أو الوجود مع أفراد العائلة والأصدقاء.
  • تفضيل البقاء في العمل طيلة الوقت، والانشغال به أكثر ممّا سبق.
  • الشعور بالتشاؤم والإحباط الشديدين.

ما أسباب اكتئاب ما بعد الولادة عند الأب؟

يُرجّح أن يكون السبب الأساسيّ وراء إصابة الرجال باكتئاب ما بعد الولادة ناجمٌ عن تغيّرات هرمونيّة تُصيبهم خلال هذه المرحلة، كانخفاض نسبة التيستوستيرون لديهم، بالإضافة إلى وجود العديد من الظروف والعوامل التي ترفع من احتماليّة إصابة البعض أكثر من غيرهم، ويُمكن إجمال أهمّها بما يأتي:

  • إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة، إذ ترتفع احتماليّة إصابة الأب حينها لما يُقارب 50%.
  • إصابة الأب مُسبقًا بالاكتئاب.
  • المُعاناة من صعوبات مُعيّنة أثناء ولادة الطفل.
  • المُعاناة من صعوبات أو مشكلات ما بين الأب والأم في الوقت الراهن أو مُسبقًا، أو قلة العلاقة الجنسيّة ما بينهما بعد ولادة الطفل، أو وجود مشكلات أُخرى يواجهها الأب، سواء كانت مشكلات ماليّة أم مشكلات في العمل.
  • صعوبة التواصل مع الطفل الجديد.
  • في حال كان المولود يُعاني من مرضٍ ما.
  • عدم تماثل واقع الأبوّة ومسؤولياتها مع توقّعات الأب السابقة.
  • عدم وجود مثال جيّد في حياة الأب للتعامل السليم مع الأبناء عمومًا.
  • شعور الأب بتناقص اهتمام الأم فيه، أو حتّى بالغيرة من اهتمامها بالطفل.
  • شرب الأب سابقًا أو حاليًّا الكحول أو تعاطي المُخدّرات والأدوية الممنوعة.
  • عدم وجود مُساندة ودعم عاطفيّ واجتماعيّ كافيين من العائلة والأصدقاء.

ما علاج اكتئاب ما بعد الولادة عند الأب؟

تكمن المُشكلة الرئيسة في علاج اكتئاب ما بعد الولادة لدى الآباء في حقيقة نظرة الأب لنفسه كرجل، ونظرة المُجتمع التقليديّة له، بافتراض أنّ الاكتئاب أو الحزن من علامات الضعف التي لا تليق به، وذلك في الحقيقة يمنع الكثيرين منهم عن طلب المُساعدة والعون عند مُواجهة أعراض الاكتئاب، لذا فإنّ الخطوة الأولى والأهمّ هي طلب المُساعدة من طبيب نفسيّ أو مُعالِج جيّد لمُتابعة الحالة بالضبط، واختيار العلاج المُناسب، الذي يتمثّل بواحد أو أكثر من الخيارات العلاجيّة الآتية:

  • العلاج بالتحدّث: الذي يتضمّن جلسات علاجيّةً مُتعدّدةً للتعامل مع الاكتئاب وأعراضه.
  • العلاج بالأدوية: سواء كانت وحدها أم بالتزامن مع جلسات العلاج بالتحدّث.
  • الانضمام لمجموعات الدعم: التي تجمع العديد من المُصابين باكتئاب ما بعد الولادة، وتُتيح لهم التعبير عن مشاعرهم وما يُؤرّقهم، والاطّلاع على تجارب الآخرين أيضًا، بالتزامن مع إشراف المُختصّين المُتابعين لحالاتهم جميعًا.

كيف أدعم زوجي لتخطي اكتئاب ما بعد الولادة؟

يتطلّب علاج الاكتئاب عمومًا المُساندة والدعم مّمن حول المُصاب، حتّى يتخطّى المرض ويعود إلى حياته الطبيعيّة كما كانت بنفسيّة مُريحة وتعامل أفضل مع الواقع والأحداث، وممّا لا شكّ فيه أنّ دور الأزواج مع شُركائهم مُهمّ للغاية في ذلك؛ إذ إنّ الدعم العاطفيّ وتقدير الجهود المبذولة في مرحلة الحمل والإنجاب والعمل وما بعدها يمنح المُصاب دفعةً قويّةً للاستمرار بذلك وتجاوز الاكتئاب، حتّى أنّ مُجرّد الاستماع لما يقوله أو يشكو منه يصنع فارقًا، ويدعم العلاج الموصوف من قِبَل الطبيب، لذا توجد بعض الخطوات العمليّة التي يُمكن للزوجة أن تدعم بها زوجها المُصاب باكتئاب بعد الولادة، وتتضمّن كُلًّا ممّا يأتي:

  • في حال كان الزوج يُساهم في العناية بالطفل يُمكن منحه بعض المُساعدة الإضافيّة، وإعطاؤه الوقت للعناية أكثر بنفسه.
  • تقبّل المُساعدة من بعض أفراد العائلة أو المعارف، الذين يُمكنهم تخفيف عبء الاعتناء بالطفل ومُستلزماته بالتزامن مع وجود أعمال أُخرى لدى والديه.
  • تشجيع الزوج على تمضية بعض الوقت مع أصدقائه ومعارفه الذين يرتاح لهم. مُحاولة مُساعدة الزوج في تنظيم مواعيده وأعماله.
  • التثقّف والقراءة حول أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال، ومُتابعة تقدّم الزوج في العلاج مع الطبيب، كما يُمكن الاحتفال معه عند تحسّن وضعه شيئًا فشيئًا.
  • تقبّل عدم رغبة الزوج بالعلاقة الجنسيّة؛ إذ إنّها تتأثّر بإصابته بالاكتئاب.
  • تشجيع الزوج على مُمارسة التمارين الرياضيّة، أو الذهاب سويًّا للمشي كلّ يوم، مما يُساعد في علاج الاكتئاب.
  • تشجيع الزوج على الإفصاح عمّا بداخله من مشاعر وأفكار تُسبّب له القلق والتوتّر، ولو لم يكن بالإمكان مُساعدته يكفي الإنصات إليه.
السابق
سوبرانيل Supranil
التالي
أسباب الخوف من الماء وأعراضه وعلاجه

اترك تعليقاً