صحة عامة

لماذا أشعر بالصداع بعد البكاء

لماذا أشعر بالصداع بعد البكاء

أضرار البكاء

عند الحديث عن البكاء فإنّ أوّل ما يتبادر للأذهان أنّه وسيلة للتفريغ عمّا يشعر به بعض الأشخص بسبب حزن أو مشاعر سلبيّة، ولا يرتبط بحصول الأضرار الجسيمة أو المخاطر المرضية أو النفسيّة الشديدة، وفي الحقيقة فإنّ آثار البكاء الجانبيّة قليلة نسبيًا، وتتلخّص بالشعور بالإنهاك النفسيّ أو الجسديّ في بعض الحالات وقت البكاء أو عند الانتهاء منه، وبأنّه قد يُسارع من ضربات القلب أحيانًا، وبالتأكيد فإنّه سيُسبّب الشعور بالضيق إن كان في المكان والزمان غير المُناسبين؛ مثلما يحدث عند البكاء أمام من يسخر من المشاعر والأحاسيس أو يهزأ بالشخص لبُكائه، وربّما يُقلّل البكاء بعض الشيء من نسبة الغلوبيولين المناعي A الإفرازيّ Secretory IgA، وأحد أهمّ المواد الأساسيّة في جهاز المناعة في الجسم.

سبب الصداع بعد البكاء

كثيرًا ما يشتكي العديد من الأشخاص من آلام الرأس بعد تمضيتهم أحداثًا مُعيّنة دفعتهم للبكاء، وفي الواقع فإنّ التوتّر المُسبّب للبكاء يرتبط بالصّداع أكثر من البكاء بحدّ ذاته، إذ إنّ تحفيز الجسم على إفراز الناقل العصبيّ المُسمّى كورتيزول عند الشعور بـالتوتّر يدفع الفرد للبكاء، والشعور بالصداع على حدّ سواء. وما يحدث حقيقًة أنّ البكاء يُثير أنواعًا من الصداع للحدوث بمُعدّل أكبر بمنزلة أحد العوامل المُحفّزة لهم وليس في صورة سببٍ محض، ذلك مقارنًة بنسبة المُعاناة من أنواع آلام الرأس هذه دون وجود البكاء ، وفي ما يأتي بيان للرابطة التي تجمع كل نوع مع البكاء على حدة.

البكاء والصداع النصفيّ

يتلخّص الرابط الذي يجمع ما بين البكاء وحدوث نوبات من الصداع النصفيّ (الشقيقة) في أنّ المواد الكيميائيّة التي يُفرزها الجسم عند الشعور بالتوتّر والتي تُحفّز الفرد على البكاء تُحرّض نوبات الشقيقة على الحدوث أيضًا، ومن الغريب أنّ ذلك يحدث فقط عند البكاء الناجم من ضغط أو مُشكلة عاطفيّة مُتعلّقة بالأحاسيس والعواطف، وليس البكاء الناتج من غير ذلك من الأسباب. ويوصف ألم الصداع النصفيّ بأنّه في جهة واحدة من الرأس بالتزامن مع واحد أو أكثر من الأعراض الآتية:

  • الغثيان.
  • التقيّؤ.
  • زيادة الحساسيّة تجاه الأصوات والأضواء.

البكاء وصداع التوتّر

لا شكّ في أنّ صداع التوتّر الأكثر شيوعًا ما بين أنواع الصداع التي يتزامن حدوثها مع البكاء، إذ إنّه ناتج من شدّ العضلات الحاصل حينها في العضلات الموجودة في الرأس، وقد يمتدّ الشدّ ليشمل عضلات الرقبة والكتفين أحيانًا مُسبّبًا الألم وعدم الراحة فيهم، لكنّه عمومًا يميل إلى كونه بسيطًا أو معتدلًا في معظم الحالات بما لا يتعارض مع قدرة الفرد على ممارسة أعماله وأنشطته اليوميّة، ويزول بأخذ المُسكّنات العاديّة التي تُصرف دون الحاجة إلى وصفة طبيّة. ويوصف صداع التوتّر بأنّه أشبه برباط أو عصابة رأس ضاغطة حوله من الجهات جميعها، ويستمر لمدة تتراوح ما بين 30 دقيقة وأسبوع كامل.

البكاء وصداع الجيوب الأنفيّة

يتزامن البكاء في كثير من الأحيان مع سيلان الأنف؛ ويعزى ذلك إلى ارتباط كلٍّ من الأنف والعينين والأذنين فيما بينهم داخل الجسم، وما يحدث عند البكاء أنّ كمية من الدموع مثلما يُحتمل دخولها إلى قنوات الأنف وتَسبّبها في سيلانه، فإنّها قد تدخل إلى قنوات أخرى، أو تذهب نحو الجيوب الأنفيّة، وتتجمّع مع المُخاط مُسبّبة الضغط هناك، الذي يُنتج بدوره صداع الجيوب. ويُصاحب الصداع الحاصل حينها ظهور بعض الأعراض، ومنها:

  • حساسيّة المنطقة المُحيطة بالأنف والخدّين والجبين والفكّين تجاه اللّمس.
  • السعال.
  • إفرازات من الأنف.
  • التهاب أو ألم الحلق.
  • انسداد الأنف.
  • التنقيط الأنفيّ الخلفيّ Postnasal Drip.

نصائح للتعامل مع الصداع بعد البكاء

يُقلّل من حدّة الصداع بعد البكاء عن طريق اتّباع واحدة أو أكثر من الخطوات الآتية:

  • الجلوس في مكان مظلم ومريح مع إغلاق العينين.
  • تطبيق كمادات دافئة أو باردة على الجبين أو العينين أو الرقبة.
  • تدليك الرقبة والكتفين بوصف ذلك أحد الخطوات المساعدة في التقليل من الشدّ المُسبّب لصداع التوتّر.
  • تناول المُسكّنات التي تُصرَف دون الحاجة إلى وصفة طبيّة؛ مثل: الباراسيتامول، والأيبوبروفين، وفق تعليمات الطبيب أو الصيدليّ.
  • مراجعة الطبيب في حال وجود صداع نصفيّ، وصرف أحد أدوية التريبتان المُستخدمة في علاجه.

فوائد البكاء

لكونه إحدى الوسائل التي يُعبّر فيها المرء عن الحزن أو الفرح؛ فلا بُدّ من أنّ للبكاء العديد من المنافع، ويُذكَر بعض منها في ما يأتي:

  • يُهدّى النفس، إذ إنّّه بعد مرور بضع دقائق من البكاء يُحفّز الجهاز العصبيّ اللاودّي Parasympathetic Nervous System، مما يُشعر الفرد بالراحة والاسترخاء.
  • يمثّل وسيلة التعبير عن الحاجة إلى الآخرين، إذ يشير إلى حاجة الفرد إلى الدعم والمُساندة أو العَطف والحنان ممّن حوله.
  • يُساعد في تخطّي الأحداث الحزينة أو الفواجع، فهو قد يبدو وسيلة لتقبّل الأمر وخطوة أولى في تجاوزه والاستمرار في الحياة، لكنّ هذا يقتصر على البكاء المُعتدل، حيث بعض حالات البُكاء المُرتبطة بالمصائب قد تصبح شديدة للغاية، مما يتطلّب مراجعة الطبيب.
  • يُقلّل من الألم النفسيّ والجسديّ؛ ذلك لكونه مُحفّزًا على إفراز الإندورفينات التي تُسكّن الآلام، وتُعطي شعورًا بالرخاء والسعادة.

نصائح للتعامل مع الحزن والاكتئاب

في بعض الأحيان قد يصبح البُكاء المفرِط أو المزمن إشارة إلى وجود حزن قويّ لدى الفرد، أو أنّه أحد أعراض إصابته بـالاكتئاب، وهي من الحالات التي تستوجب مراجعة الاختصاصيين لمساعدة المصاب في التعامل مع الاكتئاب وعلاجه، وإلى حين ذلك تُتّبع بعض من الإرشادات في التعامل مع الاكتئاب أو الحزن، ومنها:

  • الانشغال بممارسة الأعمال والهوايات المُحبّبة للنفس؛ لتشتيت الأفكار أو المشاعر السلبيّة المُسبّبة للحزن أو الاكتئاب.
  • ممارسة التأمّل الواعي Mindfulness، التي تُركّز تفكير الفرد على اللحظة الحاليّة التي يعيشها بكلّ ما فيه من حواس تستشعر ما يحدث في اللحظة التي يعيشها.
  • اللجوء إلى العلاج السلوكيّ المعرفيّ بمساعدة المعالجين النفسيين، إذ إنّه يُغيّر من طريقة تفكير الفرد ونظرته للأمور، مما يجعلها أكثر واقعيّة وإيجابيّة بما يُعينه على المضي في حياته بعيدًا عن الاكتئاب والحزن.
  • تجنّب العُزلة، ومحاولة الانخراط مع العائلة والأصدقاء.
  • ممارسة أيّ تمارين رياضيّة مُعتدلة، والالتزام بها بمُعدّل 3 أو 4 مرات أسبوعيًّا، ولمدّة زمنيّة تتراوح ما بين نصف ساعة إلى ساعة في اليوم.
السابق
بماذا يشعر المكتئب
التالي
الأعراض الإنسحابية للأدوية النفسية

اترك تعليقاً