صحة عامة

علاج الفصال العظمي

علاج الفصال العظمي

الفصال العظمي

يشكل الفصال العظمي أو ما يعرف أيضًا بالتهاب المفاصل التنكسي أحد أشيع الشكايات التي تَرِد إلى الأطباء بشكلٍ عامٍ وأطباء الباطنة المفصلية بشكلٍ خاصٍ، وهو يصيب مفاصل مختلفة في الجسم، إلا أنَّ إصابة مفصل الركبة هي الأكثر شيوعًا ولا سيما عند المتقدمين في السن، وهو يحدث نتيجة تضافر الكثير من العوامل التي سيتمُّ التحدث عنها في هذا المقال، كما سيتمُّ التحدث أيضًا عن علاج الفصال العظمي وكيفية الوقاية منه.

أسباب الفصال العظمي

لا يوجد سبب واضح قابل للتحديد للفصال العظمي، ولكن يبدو أنَّه يتطورعندما يكون الجسم غير قادر على إصلاح أنسجة المفصل بطريقة طبيعية، حيث تَحدث الأذية في المفصل ولا تُصلَح بطريقةٍ طبيعية أو حتى لا تُصلح أبدًا، ممَّا ينجم عنه استهلاكٌ تدريجي لأنسجة المفصل محدثةً بذلك تنكسًا فيها وبدء ظهور المرض، ومع ذلك من المعروف وجود بعض العوامل التي تُسهم في حدوث المرض منها:

  • العوامل الوراثية: حيث يزداد خطر حدوث الفصال العظمي عند بعض الأشخاص الحاملين لجينات معينة، وفي هذه الحالة ممكن أن يحدث المرض في أعمار مبكرة.
  • الرضوض وفرط استخدام المفصل: يمكن أن تؤدي الإصابات أو الجراحة أو الاستخدام المفرط للمفصل إلى تقويض قدرة الجسم على إجراء إصلاحات روتينية تمهد لحدوث الفصال، ممَّا يؤدي في النهاية إلى ظهور الأعراض، وقد يستغرق ظهور الأعراض عدة سنواتٍ بعد الإصابة.
  • الجنس: فالفصال العظمي أكثر شيوعًا بين الإناث منه عند الذكور، وخاصة بعد سن 50.
  • العمر: من المرجح أن تظهر الأعراض بعد سن الأربعين، على الرغم من أنَّ المرض يمكن أن يتطور عند الأشخاص الأصغر سنًا بعد الإصابة -خاصةً في الركبة- أو نتيجة لحالةٍ مفصلية أخرى.
  • السمنة: يمكن أن يجهد الوزن الزائد المفاصلَ الحاملة للوزن، ممَّا يزيد من خطر تلفها.
  • المهنة والرياضة: الوظائف أو الرياضات التي تنطوي على حركات متكررة في مفصل معين تزيد من الخطورة.

أعراض الفصال العظمي

سبق القول أنَّ التهاب المفاصل التنكسي قد يَحدث في أي مفصل، لكن المفاصل الأكثر إصابةً هي مفصل الركبة وهو -الأشيع بينها- أصابع القدمين، الورك، العمود الفقري وعادةً في الرقبة أو أسفل الظهر، وبالنسبة لأكثر الأعراض والعلامات شيوعًا:

  • الألم.
  • المضض أي الانزعاج عند الضغط على المنطقة المصابة.
  • الصلابة.
  • وينبغي الإشارة إلى أنَّه مع مرور الوقت قد يصبح الألم شديدًا مع حدوث تورمٍ في المنطقة المصابة، لذلك فإنَّ التعرف على الأعراض المبكرة يُسهم بشكلٍ كبيرٍ في تدبير الفصال العظمي.

الفصال العظمي الشديد

ينبغي معرفة أنَّ التهاب المفاصل التنكسي هو حالةٌ مترقيةٌ، ويتمُّ تصنيفه حسب شدة الحالة إلى خمس مراحل من 0 إلى 4 حيث تمثل المرحلة 0 حالة مفصل طبيعي، أمَّا المرحلة 4 فتمثل حالة فصال عظمي شديد، ولكن هذا لا يعني أنَّ المرض سيتطور عند كل شخص مصاب إلى المرحلة 4 ، فغالبًا ما تستقر الحالة لفترةٍ طويلة قبل بلوغ هذه المرحلة، والأشخاص الذين يصلون لهذه المرحلة يعانون من فقد شديد أو كامل للغضاريف في واحد أو أكثر من المفاصل؛ والاحتكاك العظمي المرتبط بهذا الأمر -أي بغياب الغضاريف- يمكن أن يسبب أعراضًا حادةً مثل:

  • زيادة التورم والالتهابات: قد تزداد كمية السائل الزليلي داخل المفصل، وبشكل طبيعي يساعد هذا السائل في تقليل الاحتكاك أثناء الحركة، لكن وجوده بكميات أكبر يمكن أن يحدث تورمًا في المفصل المصاب، كما أنَّ قِطع الغضروف المتحطمة داخل السائل الزليلي قد تنحشر في المفصل مفاقمة الألم والتورم.
  • زيادة الألم: حيث يزداد الألم بالحركة ويخف على الراخة لكنَّه قد يبقى موجودًا، وخصوصًا في حال استخدام المفصل المصاب كثيرًا خلال اليوم.
  • تحدد مجال الحركة: وذلك بسبب التصلب أو الألم الخاصل عند إجراء حركات معينة، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب الاستمتاع بالأنشطة اليومية التي اعتاد عليها الشخص بسهولة سابقًا.
  • عدم ثباتية المفصل: حيث تصبح المفاصل أقلَّ استقرارًا، وقد يحدث ما يسمى بالقفل وهو فقدان مفاجئ في حركة المفصل، وقد يحدث أيضًا التواء في المفصل.
  • أعراض أخرى: مع استمرار تآكل المفصل، قد يحدث أيضًا ضعف في العضلات، وتشوه في شكل المفصل.

تشخيص الفصال العظمي

يعتمد تشخيص الفصال العظمي على عدة عواملَ أهمُّها الأعراض السريرية والفحص الفيزيائي، حيث أنَّ المرض غالبًا ما يكون عند الكبار في السن وتسوء عادةً أعراضُه على الحركة وتخف بالراحة، إلا أنَّ المزيد من الإجراءات التشخيصية لا بدَّ منها أحيانًا إمَّا للتأكيد أو لنفي أية أذيات أخرى؛ حيث قد يتمُّ استخدام التصوير الشعاعي البسيط الذي يظهر مقدار الأذى الحاصل في المفصل، وقد يتمُّ أحيانًا استخدام المرنان المغناطيسي لتبيان وضع الأنسجة المحيطة بالمفصل، كما أنَّ اختبارات أخرى كتحليل الدم أو البزل المفصلي قد تُجرى في حال الشك بأمراض أخرى أيضًا.

علاج الفصال العظمي

بداية يجب معرفة أنَّ الأذية الحاصلة في المفصل لا يمكن عكسها، كما لا يمكن أيضًا تعويض الفقد الحاصل في أنسجة المفصل، لذلك فإنَّ العلاج يتركز على محاولة إبطاء المرض وتخفيف الأعراض، ويشمل ذلك على ممارسة الرياضة والعلاج الفيزيائي وتعديل نمط الحياة واستخدام الأدوية.

تعديل نمط الحياة

يمكن لمجموعة من الأساليب والعادات اليومية المساعدة في تخفيف الأعراض، وأهمَّهما ممارسة التمارين بالإضافة إل ضبط الوزن، فالتمارين مهمّة لأنَّها تحافظ على الحركة ضمن مجالها الطبيعي وتحسن من قوة العضلات وتقي من زيادة الوزن كما تسهم في بناء العضلات والحد من التوتروالانفعال وتقلل من خطر الإصابة بأمراض أخرى مثل أمراض القلب والأوعية الدموية؛ لذا تُوجه التوصيات الحديثة الجميعَ للقيام بما لا يقل عن 150 دقيقة من التمرينات معتدلة الشدة كلّ أسبوع، كما يمكن للطبيب أو المعالج الفيزيائي المساعدة في تطوير برنامج تمرينات، ومن المهمّ اتباع تعليماتهم بعناية لمنع المزيد من الضرر، كما يجب اختيار الأنشطة التي لن تسبب ضغطًا إضافيًا على المفاصل، وتعتبر السباحة وغيرها من التمارين الرياضية طريقة جيدة للحفاظ على اللياقة البدنية دون ممارسة ضغط إضافي عليها.

العلاج الفيزيائي

قد تساعد أنواع مختلفة من العلاج الفيزيائي بعلاج الفصال العظمي، وقد يشمل هذا العلاج طرقًا مختلفة من بالتحفيز والحرارة أو العلاج اليديوي، ويمكن ذكرها كالآتي:

  • تحفيز العصب الكهربائي عبر الجلد TENS: والهدف منها تخفيف إشارات الألم المنقولة عبر الأعصاب.
  • العلاج بالحرارة: قد تساعد الحرارة والبرودة في تقليل الألم والتصلب في المفاصل؛ حيث يمكن لأي شخص محاولة لف زجاجة ماء ساخن أو علبة ثلج في منشفة ووضعها على المفصل المصاب.
  • العلاج اليدوي: يشمل ذلك مساعدة معالج طبيعي وذلك من خلال استخدام أساليب التدريب العملي للمساعدة في الحفاظ على مرونة المفاصل.

الأدوية

تساعد الأدوية في تخفيف الألم، ومنها الأسيتامينوفين الذي يستخدم لتسكين الألم لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراضٍ خفيفةٍ إلى معتدلة، وكذلك هناك أيضًا مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية كالإيبوبروفين أو الأسبرين أو الديكلوفيناك في حال الألم الشديد، ويمكن لأي شخص أن يأخذ هذه الأدوية عن طريق الفم أو موضعيًا أو يمكن تطبيق الدواء مباشرة على الجلد، كما توجد كريمات ذات تأثير موضعي تعمل من خلال تقليل مستويات المادة P المسؤولة عن الألم، وقد يستغرق ذلك أسبوعين إلى شهر حتى يسري مفعولُه بالكامل، ويجب الانتباه إلى عدم استخدام الكريم على الجلد المتأذي أو الملتهب مع تجنب لمس العينين والوجه والأعضاء التناسلية بعد استخدامه أيضًا، وأخيرًا فيما يخص الأدوية يستخدم حقن الكورتيزون داخل المفصل في معالجة الألم الشديد والتورم والالتهابات وهو فعال، ولكنَّ الاستخدام المتكرر يمكن أن يؤدي إلى آثار ضارة ، بما في ذلك تلف المفاصل وارتفاع خطر الإصابة بهشاشة العظام.

الأجهزة المساعدة

هناك أجهزة مساعدة تساعد في دعم النشاط الفيزيائي للشخص في علاج الفصال العظمي، حيث يمكن للأحذية الخاصة المساعدة أن تسهم في العلاج في حال كان المرض يشمل الركبتين أو الوركين أو القدمين، وذلك عن طريق توزيع وزن الجسم بشكل أكثر توازنًا، بالإضافة إلى امتصاص الصدمات و تقليل الضغط على المفاصل، كما يمكن أن تساعد العصا في تخفيف الحمل على المفاصل المصابة وقد تقلل من خطر السقوط، ويجب على الشخص استخدامها على الجانب السليم المقابل، ويمكن أن تساعد الجبائر وأقواس الساق والضمادات الداعمة في إراحة المفاصل المؤلمة، لكن يجب الانتباه إلى عدم استخدام الجبيرة طوال الوقت لأنَّ العضلات يمكن أن تضعف دون استخدامها.

الجراحة

تشكل الجراحة الحل الأخير في العلاج، وذلك في حال فشل العلاجات السابقة التي تتضمن العلاج الفيزيائي والأدوية والأجهزة المساعدة أو حتى تغيير نمط الحياة، وتشمل على:

  • جراحة تقويم مفاصل: يتضمّن ذلك قيام الجراح بإزالة المناطق التالفة وإدخال مفصل صناعي بديل مصنوع من المعدن والبلاستيك، ويشير البعض إلى هذا الإجراء باستبدال المفصل التام، وتشمل المفاصل التي تتطلب استبدالها في أغلب الأحيان الورك والركبة، ولكن يمكن أن أيضًا استبدال المفاصل في الكتف والإصبع والكاحل والمرفق، ويمكن لمعظم الناس استخدام مفصلهم الجديد بشكلٍ نشطٍ وغير مؤلم، ومع ذلك هناك خطر ضئيل لحدوث الإنتان والنزف، وقد يتآكل المفصل البديل ويحتاج في النهاية إلى الاستبدال أيضًا.
  • إيثاق المفصل: يتضمّن ذلك قيام جراح بإعادة تنظيم المفصل أو تثبيته أو إصلاحه جراحيًا لتشجيع العظام على الالتحام وزيادة ثباتية المفصل ممَّا يقلل من الألم، وفي حين أنَّ الشخص الذي لديه مفصل كاحل مُوثَق سوف يكون قادرًا على وضع ثقله عليه دون ألم، لكنَّه لن يكون قادرًا على ثنيه.
  • قطع العظم: يتضمّن ذلك قيام الجراح بإزالة جزء صغير من العظام، إمَّا أعلى أو أسفل مفصل الركبة، حيث يمكن أن يعيد تنظيم الساق بحيث لا يقع وزن الشخص بشكل كبير على الجزء التالف من المفصل، وبالتالي يمكن أن يساعد هذا في تخفيف الأعراض، لكن قد يحتاج الشخص إلى جراحة استبدال الركبة في وقت لاحق.

أخيرًا فيما يخص العلاج الجراحي ينبغي الإشارة إلى مضاعفاتها، فقد يحدث التهاب مفصل إنتاني وهي حالة طبية عاجلة تستوجب الاستشفاء، ويكون علاجها بالصادات الحيوية وتصريف السائل من المفصل المصاب.

المكملات

تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ الأشخاص الذين يعانون من انخفاض مستويات فيتامين D لديهم خطر أكبر للإصابة بالفصال العظمي، كما أنَّ الأشخاص الذين يعانون من انخفاض فيتامين C قد يتطور المرض عندهم بسرعةٍ أكبر، كما قد تُسهم أيضًا المستويات المنخفضة من فيتامين K والسيلينيوم، لكن تأكيد هذه النتائج يتطلب مزيدًا من البحث، ورغم ذلك يستخدم بعض الناس يستخدمون المكملات الغذائية بما في ذلك:

  • الأحماض الدهنية أوميغا 3.
  • الكالسيوم.
  • فيتامين D.

بقي ذكر أنَّ الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم أشارت أنَّه لا توجد أدلة كافية لسلامة وفعالية هذه المكملات الغذائية في علاج الفصال العظمي، لذا فهم يوصون باستشارة الطبيب قبل استخدامها.

السابق
علاج الغضروف في الظهر
التالي
أسباب ألم العصعص عند النساء

اترك تعليقاً