صحة عامة

الرعاية التلطيفية

الرعاية التلطيفية

‏ هي إحدى مجالات الرعاية الطبية التي تركز على تخفيف ومنع المعاناة التي يعاني منها المرضى، وهي نهج رعاية طبية متعدد التخصصات يهدف إلى تحسين نوعية الحياة وتخفيف المعاناة بين الأشخاص الذين يعانون من مرض خطير ومعقد.

الرعاية النفسية الاجتماعية التلطيفية

قد ينشأ الضغط الاجتماعي النفسي حين يكون الفرد غير قادر على تحقيق توقعاته أو أهداف هامة بالنسبة له أو المحافظة على العلاقة مع أفراد العائلة أو الأصدقاء.

تتضمن القضايا الاجتماعية النفسية التي عادة ما يعاني منها مرضى الأمراض التي بحاجة للرعاية التلطيفية الذين لا أمل في شفائهم ما يلي:

الخوف والقلق: إن القلق هو شعور شخصي بالرهبة مما هو متوقع من أحداث، كالشعور بموت وشيك. يعبر معظم المرضى عند مواجهة مرض عضال عن الخوف من فقدان الفعالية والاستقلال، كما يشكل الشك بشأن المستقبل مصدرا آخر للقلق. وبالرغم من أن فكرة الموت بحد ذاتها قد تسبب القلق، فإن معظم المرضى يميلون لأن يكونوا أكثر خوفا من عملية الموت الفعلية أو احتمالات المعاناة خلال المرض. يظهر هذا القلق بأعراض مختلفة مثل اضطرابات النوم والأرق والتهيج والتعب واضطراب المعدة وتوتر العضلات أو حتى ضيق التنفس.

الاكتئاب: من الطبيعي أن يشعر الأفراد الذين يعانون من مرض عضال بالخوف والحزن والقلق، فهي ردود فعل طبيعية حزينه، إلا أنه قد يتفاقم الحزن لدى بعض الأشخاص بمرور الوقت ليتحول لاكتئاب سريري يتطلب علاجا. أما الآشخاص الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب السريري وأؤلئك الذين لديهم أعراض اكتئاب متواصلة أو خواطر إنتحارية متواترة، فهم الأكثر عرضة لخطر الاكتئاب السريري.

شعور بالعبء الملقى على آخرين: يعتبر هذا الشعور أكثر ما يشغل بال مرضى السرطان الذين لا أمل في شفائهم، فحين يتقدم المرض وتنخفض فعالية المريض فسيصبح أكثر اعتمادا على الآخرين لمساعدته في الأنشطة اليومية والحاجات الأساسية. وقد يشعر المريض بالقلق بشأن ما تقتضيه الرعاية الطبية من أعباء مالية يتحملها مقدمي الرعاية أو الأسرة. وقد يترافق مع ذلك الشعور بالعبء عدم القدرة على الوفاء بأدوار اجتماعية كالأبوة وغيرها. إضافة لذلك، قد يتمنى بعض الأشخاص موتا سريعا بسبب ذلك الشعور بالعبء المترتب على آخرين. ومثال ذلك أن تقارير عن أفراد عائلات أشخاص عبروا بصراحة عن الرغبة بموت سريع أظهرت أن نسبة 58- 94% منهم كانوا يشعرون بضغط نفسي بسبب العبء الملقى على آخرين.

قضايا مالية: غالبا ما يضطر المرضى الذي يعانون من مرض عضال كالسرطان لترك وظائفهم بسبب ما ينتج عن المرض من قصور بدني. وقد يجد الأفراد صعوبة في تغطية تكاليف رعايتهم نظرا لفقدان الدخل أو التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي. يضطر بعض الأشخاص أيضا لترك العمل لملازمة المنزل من أجل رعاية أحبائهم. ونتيجة لذلك، فقد تجاهد الأسر من أجل تدبر أمورها (تسديد فواتير المنزل أو إعالة أطفالهم وغير ذلك).

العلاقات العائلية: قد لا يتمكن بعض المرضى وبسبب القيود الناجمة عن المرض من الوفاء بمسؤولياتهم الأسرية.، لذا لا بد من أن يتقدم أفراد الأسرة الآخرين لتحمل هذه المسؤوليات. ولا يشكل ذلك في بعض الأسر وخاصة تلك المترابطة في الشرق الأوسط، مشكلة في التكيف مع التطور الجديد، بل وربما يساعد ذلك في تقوية الروابط بين أفرادها في تركيز جهودهم على توفير الرعاية لأحبائهم. من ناحية أخرى، قد تناضل بعض العائلات للتكيف مع الوضع الجديد وقد تنشأ خلافات أو صراعات بمرور الوقت. ينطوي مصدر الصراعات الشائع على خلافات تتعلق بأهداف الرعاية أو مسؤوليات تقديم الرعاية. ولأن لمرونة الأسرة تأثير قوي على الحالة النفسية للمريض، يجري تنظيم اجتماعاتها على أساس دوري من قبل فريق الرعاية التلطيفية لمعالجة المصادر المحتملة للصراعات ومساعدة أفراد العائلة على الاتفاق على االقرارات التي تخدم مصلحة المريض.

القضايا الروحية: يعتبر الجانب الروحي لدى المرضى الميئوس من شفائهم بعدا هاما ينبغي معالجته وتقييمه، ويشير هذا الجانب للطريقة التي يبحث من خلالها الأفراد عن المعاني والأهداف وكيفية التواصل مع الذات، الآخرين وما يرونه أعظم مما يقدرون عليه.

تشخيص مرض غير قابل للشفاء قد يؤدي لصراعات روحية لدى المرضى وضغطا نفسيا لدى بعضهم في محاولتهم الوصول أو التعامل مع حقيقة مرضهم وما سيترتب عنه مع ما يمنح ذلك حياتهم من قيمة ومعنى.

يجد بعض المرضى صعوبة في تقبل مرضهم خصوصا إذا رأوا أنه أمر وقع عليهم أو أنه عقاب ظالم. وغالبا ما سيتساءلون: ” لم يحدث ذلك لي؟” أو ” لماذا أعاقب؟” أو ” ما معنى هذا المعاناة؟” قد تساعد الممارسات الروحية كالصلاة والتأمل واستعراض حياة المريض في الإجابة على بعض هذه الأسئلة، كما أن تشجيع المرضى على استعادة الذكريات والتجارب مفيدة في منحهم إحساسا بالقيمة.

الرعاية التلطيفية في السعودية

يُعد مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الرائد في تقديم هذا النوع من الرعاية الصحية وهو أول مستشفى بدأ بتقديم خدمات الرعاية التلطيفية في المملكة العربية السعودية.
ومنذ بدأ وحتى اليوم تزداد الخبرة وتتطور الخدمات و الهدف هو تقديم خدمة بأعلى مستوى من الجودة للمريض وأسرته.

يضم فريق الرعاية التلطيفية عدداً من ذوي الخبرة من أطباء و ممرضين وغيرهم. ويعمل فريق الرعاية التلطيفية بالتعاون مع فريق المريض الطبي المعالج للوصول إلى هدفنا وهو تحسين جودة حياة المرضى مهما كانت الخيارات العلاجية التي يتم اتخاذها.

الطب التلطيفي في السعودية

تغدو برامج الطب التلطيفي شيئاً فشيئاً جزءاً لا يتجزأ من برامج رعاية مرضى السرطان المعروفة. ويتمتع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث (مؤسسة عامة) بامتيازات وصلاحيات لتقديم برنامج راسخ ومطور للطب التلطيفي وهو برنامج شهير في منطقة شرق البحر المتوسط.

ويتيح برنامج زمالة الطب التلطيفي للأطباء المسجلين اكتساب المعرفة والمهارات الضرورية لتعزيز خدمات الرعاية التلطيفية وتدريب الممارسين الصحيين الآخرين لرعاية المرضى والأسر الذين يعانون من أمراض متقدمة مقيّدة للحياة. ويتبع هذا البرنامج الذي يمتد لعام واحد المدة القياسية لبرامج الزمالة المماثلة في أمريكا الشمالية. والمرشحون المؤهلون للبرنامج هم حملة شهادة التخصص السعودية (أو ما يعادلها) في طب الأسرة أو الطب الباطني. ويمكن النظر في طلبات المرشحين في تخصصات أخرى على أساس فردي.

دور الخدمة الاجتماعية في الرعاية التلطيفية

  • تقدم الرعاية التلطيفية خدمتها من خلال فريق متكامل يضم الطبيب، الممرض، الأخصائي النفسي، الأخصائي الاجتماعي، الصيدلي، الموجه الديني،و المعالج الطبيعي.
  • أعضاء الرعاية التلطيفية لديهم خبرة خاصة في علاج الآلام والأعراض المختلفة وفقاً لأحدث الأبحاث الطبية.
  • يولي الفريق اهتماماً بالغاً بمهارات الاتصال مع المريض وذلك من خلال الجلسات الودية معه وإعطائه الوقت الكافي للحديث عن نفسه وتوجيه الأسئلة المتعلقة بكافة جوانب حياته. هذا إلى جانب تقديم الدعم المعنوي والنفسي له والتأكيد أن من حقه أن يفهم ظروف مرضه وأن يساهم مع الفريق في وضع الخطة العلاجية وتحديد أولويات العلاج وذلك وفقاً لأهدافه وتصوراته بما يتناسب مع التعليمات الطبية.
  • يلتزم الفريق بأن من حق المريض أن لا يتعرض إلى الألم ولا الخوف ولا المعاناة ولا الوحدة خلال ظروف حياته المختلفة، حتى في المراحل الأخيرة من مرضه، ولن يتخلى عنه الفريق مهما اشتدت ظروف مرضه.
  • يولي فريق الرعاية التلطيفية اهتماماً بالغاً بعائلة المريض، فمعلوم أن عائلة المريض لديها الكثير من المعاناة والهموم نتيجة إصابة أحد أفرادها بالمرض، وقد يحتاجوا إلى معونة من الفريق لتجاوز هذه الظروف الصعبة.
  • ولا يخفى على أحد أن المريض المصاب بهذه الأمراض يعاني من العديد من الأعراض كالآلام المبرحة، ضيق التنفس، الهبوط العام، الغثيان والاستقياء، وغير ذلك من الأعراض المزعجة التي تمنع المريض من أداء نشاطاته اليومية وتؤثر سلباً على حياته.
  • وقد يشتد المرض ويفتك بالمريض إلى حد لا يفيد فيه العقاقير المسكنة للآلام ويحتاج المريض بعدها إلى مسكنات قوية كالعقاقير المخدرة للسيطرة على الألم الحاد والمزمن.
  • ولا يقتصر الامر على الأعراض البدنية فحسب. بل إن إصابة المريض بأحد هذه الأمراض كالسرطان مثلاً، يحدث شرخاً عميقاً في حياته ويهز كيانه من الأعماق، فلا يعود قادراً على الشعور بمعنى الحياة، ولا تحديد أهدافه من الحياة على ضوء ظروف مرضه، وينشأ مفهوم يسمى (المعاناة).
  • وقد أفادت الكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت في الغرب أن الأطباء يؤكدون أنهم لم يتلقوا تدريباً كافياً لعلاج أعراض المرض المختلفة وعلى رأسها علاج الآلام، وليست لهم القدرة للحديث مع المريض حول ظروف مرضه وتبعاتها المختلفة، مما شكل عجزاً واضحاً في علاج المريض.
  • وقد شهدت الأوساط الطبية في الغرب اهتماماً بالغاً بهذا التخصص، فالرعاية التلطيفية بمفهومها الشامل تدرس الآن في كليات الطب والتمريض، كما أنها الآن ضمن المنهج المعتمد في برنامج تخصص الأطباء للأمراض الباطنية وغيرها، وقد اعتمدت كفصل مستقل في الكثير من الكتب الطبية المعروفة.

رعاية نهاية الحياة

في أغلب الأحيان، يختلط مفهوم الرعاية التلطيفية عن رعاية نهاية الحياة (hospice care) والتي تُخصص بشكل عام للمصابين بأمراض عضال لا يرجى شفاؤهم، ويُقدم عمال هذا النوع من الرعاية نفس خدمات الرعاية التلطيفية، ولكن الفارق أنه في حالة الرعاية التلطيفية يمكن منح الخدمات للمريض في أي وقت خلال فترة المرض، وليس فقط بنهاية الحياة.

يتعاون اختصاصي الرعاية التلطيفية مع الطبيب وفريق من رجال الدين والاستشاريين والممرضين ومتخصصين آخرين لوضع خطة موحدة من أجل تخفيف العلامات والأعراض التي يشعر بها المريض أثناء العلاج، وقد يزيد هذا من احتمالية استكمال العلاج، والحفاظ على نوعية الحياة التي تساعد المريض على الاستمرار في ممارسة الأنشطة المهمة بحياته.

أوضحت البيانات الحديثة بخصوص المصابين بأنواع معينة من السرطان أن الاستخدام المبكر لخدمات الرعاية التلطيفية لا يشعرهم بالتحسن فقط، ولكن أيضًا يساعدهم أيضاً على العيش لفترة أطول مقارنةً بمن يخضعون للعلاجات التقليدية فقط.

العلاج التلطيفي لسرطان الكبد

العناية التلطيفية تشمل العديد من العقاقير الطبية مثل المورفينات والأدوية المماثلة للمورفين، وذلك للسيطرة على الآلام الشديدة المصاحبة للسرطان فى مراحله المتقدمة، وكذلك للسيطرة على الأعراض المصاحبة للمرض مثل الانسداد المعوى والقىء والتهيج وأعراض أخرى مصاحبة للمرض والعلاج أيضا، فعند فحص المريض لدى فريق العناية التلطيفية يقوم فريق الرعاية التلطيفية بتقييم حالة المريض الطبية من جميع النواحى، وكذلك حالته النفسية فيتم التعامل مع المريض من كافة هذه النواحى، فأحيانا الحالة النفسية والاجتماعية تزيد من الأعراض الطبية، كذلك هناك بعض العلاجات عن طريق الموسيقى والرسم ولقاء المرضى ببعضهم، بحيث تعمل هذه اللقاءات على إزالة الشعور بالوحدة وان هناك حالات أخرى مماثلة تعانى من نفس الأعراض وتتم هذه اللقاءات بصورة دورية للتخفيف من آلامهم.

التلطيفي للسرطان

بالنسبة لمرضى السرطان المتقدم الذين لم تحدث استجابة لديهم للعلاج المتاح ولا يحتمل شفائهم، يفضل اللجوء لفريق الرعاية التلطيفية مبكراً ليمكنك التعرف على دور كل عضو في الفريق وما إذا كانت الخدمات المقدمة مفيدة بالنسبة لك. وحتى إذا لم تكن خدمات الرعاية التلطفية مطلوبة منذ البداية، ستكون فرصة لتألف الخدمات المتاحة تحسباً لتغير احتياجاتك مع الوقت. فقدرتك على حل المشكلات بمجرد ظهورها لن يفيدك فحسب، بل سيقلل من عبء العمل والضغط على أسرتك ومقدمي الرعاية.

بشكل عام، أنت بحاجة إلى إحالة حتى تتمكن من الوصول إلى فريق الرعاية التلطيفية المتخصص، لذا، يمكنك سؤال الممارس العام أو الممرضة عن هذا الأمر إذا لم يكن لديك خلفية مسبقة عن فائدة الرعاية التلطيفية بالنسبة لك. بمجرد إحالتك إلى فريق الرعاية التلطيفية سيقوم الفريق باستشارة الممارس العام المعالج لك عن الرعاية والعلاج المقدمين لك.

تُقدم الرعاية التلطيفية للمريض طالما أنه يحتاج إليها؛ وتحسم حالته المدة التي يعيشها في راحة فربما تكون شهور أو سنوات. ومن المحتمل أيضاً أن يتطور المرض بسرعة أكبر، وهذا يعني تركيز فريق الرعاية التلطيفية على احتياجاتك في نهاية حياتك. ومهما كانت المرحلة التي وصل إليها المرض، لن يتوقف فريق الرعاية عن تقييم احتياجاتك وملائمة الرعاية معها.

تهدف الرعاية المؤقتة إلى إعطاء مقدم الرعاية فرصة للراحة من دورهم، ويمكن أن تقدم الرعاية المؤقتة في بيتك، أو قد يرسل الفرد المتلقي للرعاية إلى مركز الرعاية المؤقتة أو المستشفى في بعض الحالات.

السابق
تجشؤ الكبريت
التالي
القلق النفسي والارتكاريا

اترك تعليقاً