صحة عامة

اضطراب الذهان

اضطراب الذهان

اضطراب الذهان

يعرَّف اضطراب الذهان بأنه وصف لأنواع متعدِّدة من مشكلات الصحَّة العقليَّة التي تتضمَّن ظاهرةً يُطلق عليها الذهان، ويعدّ من أعراض الاضطرابات العقليَّة الخطيرة، يتميَّز بانفصال المريض عن الواقع، ويتمثّل بالارتباك، والهلوسة، والأوهام التي تعرف بأنها اعتقاد خاطئ أو انطباع راسخ يتناقض مع الواقع الحقيقي الذي يعيشه المريض، والهلوسة هي إدراك حِسِّي يظهر في غياب المنبِّهات الخارجيَّة، وهذا يعني رؤية شيء أو سماعه أو شمّه أو الشعور به وهو غير موجود.

بالحديث عن الإحصائيات المتعلِّقة بالذهان تُشير التوقعات إلى أنَّ ثلاثةً بين كل 100 من الأفراد سيُعانون من الذهان في مرحلة من مراحل حياتهم، وقد قُدِّر عدد الأشخاص الذين تظهر عليهم أولى نوبات الذهان من كلِّ عام في الولايات المُتحدة بحوالي 100 ألف مراهق وشخص بالغ.

ما هي أعراض اضطراب الذهان؟

تتمثّل أعراض اضطراب الذهان بالأوهام أو الهلوسات، مشيرة إلى ضعف التواصل مع الواقع أو إدراكه، وعمومًا يرافق الإصابة باضطرابات الذهان حدوث عدد من التغيُّرات الملحوظة على مستوى السلوكيَّات أو المعتقدات، ومن التغيُّرات السلوكيَّة التي تظهر على المُصاب ما يأتي:

  • اللَّامبالاة.
  • الانسحاب الاجتماعي، أو العُزلة الاجتماعية، أو الوحدة.
  • العصبيَّة، والقلق، والخوف، وفرط اليقظة.
  • فقدان الشهيَّة.
  • سوء النظافة والعناية الشخصية.
  • الغضب، والعدوانيَّة.
  • التّهيُّج، أو فرط النشاط، أو الأرق.
  • تبدُّد الشخصيَّة، وهو مزيج من القلق الشديد والشعور بعدم الواقعيَّة، والانفصال عن الذَّات، أو اعتقاد الشخص بأنَّ الأفكار مزروعة في رأسه وليست أفكاره.
  • عدم انتظام السلوكيَّات، كالافتقار إلى التقدير أو ضبط النفس.
  • الكلام غير المُنظَّم؛ فقد يكون غير مُتسق أو سريعًا شديد الاهتياج.
  • حدوث سلوك شذوذ الحركة (Catatonic behavior)، وفي هذه الحالة قد يكون جسم الشخص المُصاب جامدًا، وقد يبدأ بتكرار كلمات معيَّنة باستمرار، أو ترافقه قِلَّة الكلام، أو عدم الاستجابة جسديًّا أو لفظيًّا.

كما توجد مجموعة من التغيرات أو المشكلات التي تحدث للمُعتقدات في حالة الإصابة باضطرابات الذهان، منها:

  • الشعور بالوقوع تحت سيطرة قوى خارجيَّة.
  • الهلوسات.
  • الأوهام.
  • عدم انتظام الأفكار.

ما هي أسباب الإصابة باضطراب الذهان؟

إنَّ الأسباب الرئيسة التي تكمن وراء حدوث اضطراب الذهان غير مفهومة تمامًا، لكنْ في ما يأتي بعض الأسباب المُحتملة:

  • تغيرات الدماغ: فقد تحدث الاضطرابات الذهانيَّة بسبب التَّغيرات في تركيبة الدماغ وفي أنواع معيَّنة من المواد الكيميائيَّة الموجودة لدى الأشخاص الذين يعانون من الذهان.
  • العوامل الجينيَّة: فقد أظهرت الأبحاث أنَّ اضطراب ثنائي القطب والفصام قد يتشاركان العامل الجيني الذي أدى إلى حدوثهما.
  • الهرمونات والنوم: فعلى سبيل المثال يظهر ذهان بعد الولادة على الأم بعد مدَّة قصيرة جدًّا من ولادتها للطفل؛ أيْ خلال أسبوعين تقريبًا، وعلى الرغم من عدم معرفة السَّبب الرئيس وراء حدوثه إلا أنه توجد توقعات بأنَّه قد يكون بسبب التغيرات في مستوى الهرمونات، واضطراب أنماط النوم.

كيف يمكن علاج اضطراب الذهان؟

إنَّ من أكثر الطرق فعاليَّةً في علاج الاضطرابات الذهانيَّة المزج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي، وتكمن مهمَّة الطبيب النفسي في تحديد حاجة المريض من العلاج بناءً على شِدة الحالة التي يعانيها.

العلاج النفسي

توجد أشكال عِدة للعلاج النفسي المُتَّبع في حالات الاضطرابات الذهانيَّة، منها:

  • العلاج الفردي بالكلام: قد يُسهم هذا العلاج في التَّغلب على المشاعر السلبيَّة، وقد يكون مُفيدًا في علاج حالات بعد الصدمة.
  • العلاج السلوكي المعرفي: يُساعد هذا العلاج مرضى اضطرابات الذهان بصورة خاصّة عن طريق تغيير أنماط التفكير التي قد تؤدِّي إلى حدوث الهلوسات والأوهام.
  • العلاج بالتحليل النفسي: قد يكون له تأثير كبير على أداء الشخص المصاب بالذهان.
  • إعادة التأهيل الاجتماعي: من المُمكن أنْ يكون هذا العلاج مفيدًا للأشخاص المقربين الذين عزلوا أنفسهم بسبب الأعراض التي تظهر عليهم.
  • العلاجات الجماعيَّة أو العائليَّة: قد تُساعد أيضًا في علاج الذهان.

العلاج الدوائي

من الأدوية المُستخدمة لعلاج اضطراب الذهان ما يأتي:

  • مضادات الذهان: تعدّ مضادات الذهان (Antipsychotics) من أكثر العلاجات الدوائيَّة المُستخدمة في علاج اضطرابات الذهان، وعلى الرغم من أنَّ هذه الأدوية لا تشفي منه فهي فعَّالة في السيطرة على مُعظم الأعراض المُزعجة التي تُرافق اضطرابات الذهان، مثل: مشكلات التفكير، والأوهام، والهلوسات. وفي الحقيقة يوجد نوعان من مضادات الذهان؛ نوع من الأدوية القديمة، ونوع من الأدوية الجديدة، وعادةً يصِف الأطباء الأدوية الجديدة لأنها تترافق مع ظهور عدد أقل من الأعراض الجانبيَّة، كما يكون التأقلم معها أكثر مقارنةً بالأدوية القديمة، إلى جانب أنَّ بعض الأدوية تتوفر على شكل حقن تُؤخذ مرّةً واحدةً أو مرتين شهريًّا، فيكون من السهل الالتزام بهذا النوع من الأدوية وتذكرها مقارنةً بالأقراص. وتجدر الإشارة إلى أنَّ مضادات الذهان تكون غير مناسبة لعلاج الذهان المُصاحب لتعاطي المخدرات، إذْ يعتمد العلاج في هذه الحالة بنسبة كبيرة على نوع المادة التي يتعاطاها الفرد، وفي ما يأتي بعض مضادات الذهان:
    • مضادات الذهان القديمة، منها: كلوربرومازين (Chlorpromazine)، وهالوبيريدول (Haloperidol)، وبيرفينازين (Perphenazine)، ولوكسابين (Loxapine)، وفلوفينازين (Fluphenazine)، وثيوريدازين (Thioridazine).
    • مضادات الذهان الجديدة، منها: أسينابين (Asenapine)، وكاريبرازين (Cariprazine)، وأريبيبرازول (Aripiprazole)، وإيلوبيريدون (Iloperidone) وأولانزابين (Olanzapine)، وباليبيريدون (Paliperidone)، وكويتيابين (Quetiapine)، وزيبراسيدون (Ziprasidone)، وريسبيريدون (Risperidone).
  • جرعات صغيرة من البنزوديازيبينات (Benzodiazepines): هي من المهدِّئات التي قد تساعد في حالات شذوذ الحركة ((Catatonic behavior)).
  • مضادات الاكتئاب: قد يصِفها الطبيب في حالات اضطراب المزاج؛ فهي تُساعد على تخفيف الأعراض المُرتبطة بالاكتئاب، كالحزن، وفقدان الأمل.

كيف يتم تشخيص اضطراب الذهان؟

لتشخيص اضطرابات الذهان يبدأ الطبيب بأخذ التاريخ المرضي للمُصاب، والتاريخ النفسي، ومن المُمكن أيضًا إجراء الفحص الجسدي، أو تحاليل الدم، وأحيانًا يستدعي الأمر استخدام طُرُق تصوير الدماغ، كالتصوير بالرنين المغناطيسي؛ بهدف استبعاد المرض الجسدي أو تعاطي المخدرات، كالكوكايين، أو ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (Lysergic acid diethylamide)، وفي حال عدم الكشف عن وجود أيْ مُشكلة جسدية تسبب أعراض اضطراب الذهان قد يُحوَّل المريض في هذه الحالة إلى الطبيب النفسي، الذي يستخدم وسائل تقييم وأدوات خاصَّةً تُساعده في اتخاذ القرار بشأن تشخيص اضطراب الذهان عند المريض.

ما هي مضاعفات اضطراب الذهان؟

في الحالات التي يمر فيها المصاب بالنوبات الذهانيَّة قد يؤذي نفسه، فسلوك الإيذاء النفسي يعدّ من المضاعفات الشائعة نسبيًّا عند الأشخاص الذين يعانون من الذهان، كما تكون خطورته مُرتفعةً عند الأشخاص الذين يمرُّون بالنوبة الذهانيَّة الأولى ولا يتلقون العلاج، ومن المضاعفات الأخرى الشائعة لاضطرابات الذهان التفكير بالانتحار، وارتفاع خطورة الإقدام عليه أيضًا، إذْ يوجد شخص واحد بين كل خمسة أشخاص تقريبًا من الذين يُعانون من الذهان يُقدِمون على محاولة للانتحار في بعض فترات حياتهم.

إضافةً إلى ما سبق فإنَّ استخدام الأدوية المُضادة للذهان في مُدَد زمنيَّة متوسطة إلى طويلة قد يتسبَّب بظهور عدد من المضاعفات، منها زيادة الوزن، والإصابة بالمتلازمة الأيضيَّة، وخلل الحركة المتأخر.

التعافي وما بعد المرض

تختلف استجابة الأفراد للعلاج بنسبة كبيرة، فالبعض تخفّ أعراض المُشكلة لديهم بسرعة، وآخرون يستغرق معهم العلاج أسابيع أو حتى عدّة شهور لتبدأ الأعراض لديهم بالزوال، كما أنَّ بعض الحالات تستدعي الاستمرار بالعلاج لفترات طويلة، كالحالات التي تعاني من نوبات ذهانيَّة شديدة ومتعدِّدة، فهي بحاجة إلى الاستمرار بتناول الأدوية مدى الحياة، لذا يُعطى الدواء بأقل جرعات مُمكنة في مثل هذه الحالات بهدف تخفيف الأعراض الجانبيَّة للأدوية.

يجب الإشارة إلى أنَّ حالة الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الذهانية مُستَقبَلًا تعتمد على نوع الاضطراب الذهاني الذي يعانيه الشخص، وحالة المُصاب نفسه، ولحسن الحظ يتعافى معظم الأفراد جيِّدًا مع العلاج والرعاية المكثَّفة ما بعد العلاج.[٧] ويعدّ وجود الأشخاص الداعمين أمرًا ضروريًّا بعد البدء بالعلاج، لذا في حال وجود شخص مقرَّب يدعم المُصاب بالاضطراب الذهاني من الضروري تعلُّمه التّقنيات والوسائل التي تُمكِّنه من تقديم المساعدة، ومنها:

  • التأكد من تناول المريض كافَّة أدويته وخضوعه للعلاج النفسي بناءً على توصيات الطبيب.
  • الاستماع لما يمرُّ به الشخص الذي يخضع للعلاج من مشكلات تواجهه.
  • تجنُّب الأمور التي قد تضر بالمصاب، كشرب المشروبات الكحولية، أو تعاطي المخدرات.
  • التخفيف قدر الإمكان من تعرُّض المُصاب لمواقف الضغط النفسي، والتي تزيد من سوء الأعراض لديه.
  • تعلم كل شيء مُمكن حول حالة الشخص الذي يُعاني من اضطراب الذهان.
  • تخصيص وقت في كل اليوم للتحكم بالتوتر، والعناية بالنفس؛ لمواصلة الدعم للمُصاب.
السابق
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
التالي
اعراض مرض الذهان النفسي

اترك تعليقاً