صحة المرأة

ما هو دور النظام الصحي في إنهاء العنف ضد المرأة؟

ما هو دور النظام الصحي في إنهاء العنف ضد المرأة؟

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف والاضطهاد الجسدي أو الجنسي، والذي يكون غالبًا من قبل أزواجهن أو رفقائهن، وهو من أعلى انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا ومن أقلها إبلاغًا.

رغم قلة البيانات، تشير الدراسات إلى أن مشاكل العنف المبني على النوع الاجتماعي تزيد بشكل مقلق في مناطق الطوارئ والمشكلات الإنسانية، ففي دراسة أجريت مؤخرًا في جنوب السودان على سبيل المثال، أظهرت أن أكثر من صنف النساء تعرضن للاعتداء الجسدي أو الجنسي من قبل أزواجهن، وما يقارب الثلث منهن تعرضن لإعتداء جنسي من أشخاص آخرين.

إنّ آثار العنف ضد المرأة، سواء قصيرة أو بعيدة المدى، كبيرة وشديدة التأثير على حياتها، سواء أكانت الصحة البدنية أو النفسية، حيث تشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يتعرضن للعنف هن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب ضعفي النساء الأخريات، كما أنهن معرضات للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا مرة ونصف أكثر من النساء الأخريات.

بالإضافة إلى الضرر الجسدي والنفسي الذي يلحقه العنف بالمرأة، فإنه أيضًا يؤثر سلبًا على الأطفال صحيًا ونفسيًا، كما له آثاره الاقتصادية والاجتماعية الضارة على العائلات والمجتمعات.

آثار العنف ضد المرأة

  • الآثار الجسدية

للعنف ضد المرأة تُعتبر قضية العنف ضد المرأة قضيةً قديمة العهد نتج عنها عواقب وخيمة على صحة المرأة الجسدية والنفسية بشكل متفاوت، فهي ذات تأثير فوريّ يُصاحبها آثار طويلة المدى ملموسة وغير ملموسة على النساء وأطفالهن أيضاً،فقد وثّقت الدراسات والأبحاث التي أُجريت في العقدين الماضيين الآثار السلبية للعنف الأسري وأظهرت أنّ النساء المعنّفات وعائلاتهن اللواتي قد تعرّضن للعنف الجسدي يُعانين من تدنّي مستوى الصحة الجسدية والعقلية بشكل أسوأ بكثير من النساء اللواتي لم يتعرّضن لسوء المعاملة؛ وذلك بسبب قلة المناعة الناتجة عن الحالة النفسية المتضررة بالإضافة إلى إهمال الذات، وذلك كلّه إلى جانب العديد من الأمراض التي تُصيب النساء المعنفات منها؛ كالأمراض المزمنة من صداع وآلام الظهر والعظام، واضطرابات الجهاز الهضمي، ومشاكل القلب، والأمراض العصبية كالإغماء ونوبات القلق. تتعدّد الإصابات الناتجة عن الاعتداءات الجسدية والجنسية وتتراوح شدّتها من الكدمات الخفيفة والكسور إلى الإعاقات المزمنة التي تحتاج إلى علاج طبي متخصص،وتُعاني النساء الحوامل المعرّضات للاضطهاد من فقر الدم، ونقص المناعة، والهزال الذي يؤدّي بدوره لسوء تغذية الجنين ممّا يُعرّض حياته للخطر ويجعله عرضةً للإصابة بمختلف الأمراض نتيجة قلّة وزنه.

  • الآثار النفسية

للعنف ضد المرأة تكثر الآثار السلبية للعنف ضد المرأة ويكون لها أبعاد لا يُستهان بها على المستوى النفسي، حيث إنّ الممارسات العنيفة التي تتعرّض لها المرأة تُساهم في التقليل من شعورها بقيمتها الذاتية وبالتالي تُضعف من ثقتها بنفسها، ممّا يؤثّر سلباً على صحتها العقلية وذلك من خلال تشتيت قدرتها على التفكير السليم، فينعكس ذلك سلباً على قدرتها على التصرّف بشكل مستقل وآمن في المجتمع.تتشابه الأعراض النفسية للعنف مع الآثار النفسية الناتجة عن أنواع أخرى من الكوارث والحروب، حيث تمرّ النساء المُعنّفات بمراحل متتابعة من الصدمة، والإنكار، والارتباك، والخوف، والانسحاب، وفي بعض الحالات حين يكون العنف بشكلٍ مستمر ومتكرّر تكون له تبعات أخرى أشدّ وطأةً وتأثيراً، مثل: ضعف الشخصية، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات أو التخطيط على المدى البعيد، بالإضافة إلى زيادة نسبة الاكتئاب ومحاولات الانتحار، حيث تُشير الدراسات إلى أنّه كلّما تمّ الاعتداء على المرأة أكثر زادت معاناتها النفسية مع عدم قدرتها على التكيّف النفسي،فقد أشارت تقييمات الصحة النفسية إلى أنّ النساء اللواتي يُصرّحن بأدنى مستويات الرضا عن الحياة غالباً قد وقعوا ضحيةً للعنف فيما سبق.

  • الآثار الاقتصادية

للعنف ضد المرأة تُعدّ الآثار الاقتصادية للعنف مكلفةً جداً، فهي تشتمل على علاج الأضرار المادية والإصابات الجسدية الخطيرة للنساء المُعنّفات، بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التي يتمّ صرفها على العلاج النفسي الذي يخضعن له في سبيل تجاوز الضرر الواقع عليهن، بما في ذلك كيفية إدارة القلق والاضطراب، ومعالجة الاكتئاب والإحباط الناتج عن سوء المعاملة، ليكنّ أكثر سعادةً وثقةً في مواجهة المجتمع والاندماج فيه، كما تشتمل الآثار الاقتصادية أيضاً على التكاليف التي تتكبّدها المحاكم والشرطة والخدمات القانونية المسؤولة عن مقاضاة الجناة والمنتهكين والبرامج التي يخضعون لها لتقويم سلوكياتهم، بالإضافة إلى ذلك كافة تكاليف الخدمة الاجتماعية وبرامجها الخاصة في حماية الأسرة.

تُعاني النساء والفتيات المُعنّفات على حدٍّ سواء من قلّة التقدير للذات والقدرات، وذلك كنتيجة حتمية لسوء المعاملة التي يتلقّونها بشكل غير سويّ، الأمر الذي يؤدّي لقلة تفاعلهنّ مع المجتمع وأداء وظائفهنّ بشكل فعّال، حيث يميلون إلى الوحدة والابتعاد عن التجمّعات بسبب ما تُعانيه الواحدة منهن من اكتئاب وقلق غير مبرّرين سرعان ما تشعر إثرهما بالتهديد من أيّ تحدٍّ أو تغيير يطرأ أمامها، فيُصبح العالم مكاناً مخيفاً وغير آمن بالنسبة لها، وذلك كلّه يؤدّي إلى عدم الكفاءة في تأدية المهام الوظيفية أو فقدان الوظيفة ممّا يؤثّر على المستوى الاقتصادي للشركات والدول

علاج العنف ضد المرأة

إنّ أفضل طريقة لإنهاء العنف ضد المرأة هي الوقاية منه، ومنع حدوثه منذ البداية، ويكون ذلك من خلال معالجة أسبابه التي تقوم على الأعراف الاجتماعية الخاطئة، والتمييز بين الجنسين، وذلك من خلال:

  • تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز علاقات الاحترام المتبادل بينهما.
  • تمكين المرأة في المجتمع.
  • منح المرأة جميع حقوقها الإنسانية.
  • جعل المنزل والأماكن العامة آمنة للنساء.
  • تعزيز استقلال المرأة الاقتصادي.
  • زيادة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار.
  • زيادة الوعي، وتثقيف المجتمع حول هذه القضية من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

العنف ضد المرأة الأسباب والنتائج

تعود أسباب العنف ضد المرأة إلى دوافع اجتماعية، ونفسيّة، واقتصاديّة موضّحة كما يأتي:

  • الدوافع الاجتماعيّة: تتمثّل في الأعراف الاجتماعية التي تستثني وتقلّل من فرص المرأة في الحصول على التعليم، والعمل،[٥] بالإضافة إلى المعايير الثقافية المجتمعية التي تشمل تقبّل العنف ضد المرأة كوسيلة لحلّ وتسوية الخلافات بين الأشخاص.
  • الدوافع النفسية: تشمل تعرّض الشخص أثناء طفولته للإيذاء، ومشاهدته العنف بين والديه، بالإضافة إلى غياب الأب عن الأسرة.
  • الدوافع الاقتصادية: تُعدّ من أهمّ دوافع وأسباب العنف ضدّ المرأة، ويعود السبب في ذلك إلى ضغوطات الحياة، والظروف الاقتصادية الصعبة، وإسراف المرأة في الاستهلاك أحياناً.

الآثار الصحية والنفسية: يمكن أن ينجم عن العنف ضدّ المرأة العديد من الإصابات، بالإضافة إلى الصداع، وآلام في الظهر والبطن، واضطرابات في الألياف العضلية والجهاز الهضمي، ومحدودية الحركة، واعتلال الصحة بشكل عام، ويمكن أن تشمل الآثار النفسية للعنف ضد المرأة الإصابة بالاكتئاب، والشعور بالإجهاد، ومشاكل في النوم، واضطرابات في الأكل، كما يمكن أن يقود المرأة أحياناً إلى محاولات الانتحار.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية: يُشكّل العنف ضد المرأة عائقاً أمام مشاركتها في الأنشطة المنتظمة، فقد تعاني النساء نتيجة العنف من العزلة، وعدم القدرة على العمل، وبالتالي فقدان الأجر، كما يمكن أن ينتج عن العنف عدم تمكّن المرأة من الاعتناء بنفسها وأطفالها بالشكل الصحيح.

السابق
متلازمة لوريش
التالي
ما الفرق بين الجوع والشهية

اترك تعليقاً